الأمة الثقافية

الشاعر محمّد الشرقاوي يكتب: “مِن الرأيِّ الأمينِ عن مادةِ الدينِ”

تستمرُ المجتمعاتُ البشريةُ في مواصلةِ أفكارِها التي تستقيمُ بها حياتُها محاولةً الحفاظَ على ركائزَ أساسيةٍ لا يمكنُ الاستغناءُ عنها ومتطلعةً في الوقتِ ذاتِهِ لغدٍ مشرقٍ تتوافرُ بهِ القدرةُ على التعاملِ والمشاركةِ في التطورِ السريعِ للعلومِ بكلِّ أنواعِها والاستفادةِ من الاختراعاتِ والاكتشافاتِ التي تطلُّ على الإنسانيةِ بشكلٍ سريعٍ جدًّا، وكلُّ ذلك يقعُ على عاتقِ التعليمِ في المقامِ الأولِ.

والتعليمُ ليس مسئوليةَ وزارةٍ فقط أو جهةٍ مُعينَةٍ بالتحديدِ، لكنَّ التعليمَ مسئوليةٌ مشتركةٌ بين جهاتٍ عديدةٍ أهمُّها الأسرةُ والمؤسساتُ التعليميةُ والمؤسساتُ الثقافيةُ وهيئاتُ المجتمعِ المدنيِّ الأخرى، لكنْ يجبُ أنْ تعملَ كلُّ هذه الأماكنِ في إطارِ تعاونٍ مشتركٍ يسيرُ وفقَ استراتيجيةٍ عليا تحفظُ للوطنِ قوتَهُ وللأفرادِ طموحَاتهم وأحلامَهم.

وقد أثيرت مؤخرًا قضيةٌ مهمةٌ وهي إضافةُ مادةِ الدينِ للمجموعِ في المدارسِ، وأدلى كثيرٌ من المثقفينِ وذوي الخبرةِ في المجالِ التعليمي بدلوِهم في هذا الأمرِ، وقد طالعنا الكثيرَ منها، وعشنا تفكيرًا عميقًا كان غايتُه في المقامِ الأولِ كيفيةُ الحفاظِ على وحدةِ وقوةِ وصلابةِ الوطنِ من خلالِ قيمِهِ الأصيلةِ وثوابتِهِ الراسخةِ التي تضمنُ له النجاةَ من طوفانِ الفكرِ الماكرِ الذي تدبرُهُ قوى الشرِّ في عالمٍ لا تستطيعُ الحياةَ فيه سوى المجتمعاتِ الواعيةِ القويةِ علميًّا وفكريًا واقتصاديًّا.

ولا يستطيعُ عاقلٌ أنْ ينكرَ أهميةَ الدينِ في حياةِ الأفرادِ والمجتمعاتِ لما يضمنُ من توافرِ السلوكِ القويمِ والتعاونِ والسلامِ النفسيِّ للإنسانِ كذلك السلامُ بينه وبين الآخرين والتحفيزُ نحو العلمِ والتقدمِ والقوةِ، ولكي نخرجَ من هذا الموقفِ الذي طال النقاشُ فيه، فهذا رأيٌ أقدمُهُ للمسئولين بعد خبرةٍ طويلةٍ في التربيةِ والتعليمِ وتواجدٍ مستمرٍ على الساحةِ الثقافيةِ شاعرًا وأديبًا، حيثُ أرى – من وجهةِ نظري – أنْ يكونَ الدينُ مادةً مضافةً للمجموعِ في كلِّ الصفوفِ بمراحلِ التعليمِ الابتدائي والإعدادي والثانوي باستثناءِ الصفِ الثالثِ الاعدادي والشهادةِ الثانويةِ العامةِ سواءَ كانت عامًا واحدًا أو عامين .

وتوضيحًا لدعائمِ هذا الرأيِّ نذكُرُ الآتي:

– أولًا: إضافةُ مادةِ الدينِ للمجموعِ من بدايةِ المرحلةِ الابتدائيةِ يضمنُ سرعةَ فهمِ وإدراكِ وتطبيقِ ما يتمُّ تحصيلَهُ تطبيقًا للحكمةِ القائلةِ بأنَّ التعليمَ في الصغرِ كالنقشِ على الحجرِ.

– ثانيا: الشهادتانِ الإعداديةُ والثانويةُ العامةُ هما مفترقا طرقٍ ومحطتا اختيارٍ تأتي بعدهما تخصصاتٌ تحددُ مستقبلَ الفردِ والأسرةِ والوطنِ وهنا تكمنُ خطورةُ الموقفِ من خلالِ رؤية البعضِ لسهولةِ أسئلةِ امتحانِ دينٍ على حسابِ أسئلةِ الدينِ الآخر.

– ثالثا: إضافةُ مادةِ الدينِ للمجموعِ في الصفوفِ التي ذكرناها (وهي صفوفُ النقلِ فقط) لا يؤدّي إلى تميزٍ في الحصولِ على تخصصٍ ما، فكلُّ الناجحين بكلِّ المجاميعِ ينتقلونَ إلى نفسِ الصفوفِ الأعلى.

– رابعا: ضمانُ وحدةِ وقوةِ الوطنِ وعدمِ الشكوى والخلافِ بين أبناءِ الوطنِ الواحدِ وتنشئةِ أجيالٍ متعاونةٍ مدركةٍ لما يحيطُ بنا حيثُ عيونُ الشرقِ والغربِ تتابعُ بشغفٍ ما يدورُ في مجتمعِنا.

– خامسا: نفسُ الرأي الذي قدّمناه فيما يتعلقُ بالشهادتين الإعداديةِ والثانويةِ العامةِ يمكنُ تطبيقُهُ على الدبلوماتِ الفنيةِ.

وختامًا ننادي بأهميةِ اختيارِ واضعي المنهجينِ – الدينِ الإسلاميِّ والمسيحيِّ – على أنْ يكونوا علماءَ راسخينَ تثقُ بهم جموعُ الشعبِ وأنْ يكونَ بينهم تنسيقٌ متواصلٌ في عددِ الأسئلةِ ونوعيتِها.

وندعو اللهَ بكلِّ التوفيقِ لأبنائنا والسلامةِ والتقدمِ والرخاءِ والقوةِ لبلدِنا الحبيبِ مصرَ مهدِ العلمِ والحضارةِ ومنارةِ الشرقِ والغربِ على مدى التاريخِ الإنسانيِّ.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights