الشاعرة الأردنية جمانة الطراونة تفوز بجائزة حبيب الزيودي للشعر الفصيح
الأمة : نالت الشاعرة الأردنية جمانة الطراونة جائزة حبيب الزيودي للشعر الفصيح بدورتها الرابعة التي تنظّمها أمانة عمّان الكبرى، في مسار أفضل ديوان عن ديوانها (عتاب الماء) الصادر عن “الآن ناشرون وموزّعون” بالأردن بالتعاون مع الجمعية العُمانية للكتّاب والأدباء.
وقالت الشاعرة الطراونة التي تلقت الخبر في الجزائر خلال مشاركة لها كضيفة شرف على احتفالات الفاتح من نوفمبر” تأتي أهمية هذه الجائزة كونها تقترن باسم واحد من أبرز رموز المشهد الشعري الأردني المعاصر، هو الشاعر الراحل حبيب الزيودي،
وقد سعدت بها لأنها جاءت من بلدي الأردن في الوقت الذي أملت عليّ ظروف الحياة أن أعيش خارجه، لكنني لم أنقطع عن الحياة الثقافية الأردنية، فهي تتويج لعمق أواصر المحبة لبلدي الغالي”.
عندما يجتمع القانون والفلسفة في قلب أنثى تكون النتيجة ديوانًا بطعم “عتاب الماء”، إذ تبدأ الشاعرة جمانة الطراونة ديوانها الرابع بإقرار عدم الكمال على الأرض، والذي يطول الإنسان، وكذلك الشعر، فتقول:
“سيظلُّ بيتٌ في القصيدةِ ناقصًا
والطينُ يعدلُ كفَّة الميزانِ”.
وهي إذ تقرُّ بذلك تؤكِّد أن لكل نقصان ما يعوِّضه، وتستدل على تلك الحقيقة بأن حواء شطر آدم ومُكمِّلته، فهي التي جعلها الله لآدم سكنًا في الأرض، ومكافأةً في السماء، وهي التي تعدها الشاعرة بيتًا داخل البيت:
“قد يكتبُ الشطرينِ (آدمُ) إنَّما
(حواءُ) شطرُ البيت بيتٌ ثانِ”.
وجاء الكتاب في 76 صفحة من القطع المتوسط، تقول الشاعرة بصوت جريء في قصيدة “ثورة القطبين”:
ولي اجتهاداتُ مجنونٍ وفلسفةٌ
تُحرِّر الصوتَ مِنْ إرهاصة الصَّممِ
فهي شاعرة بدرجة فيلسوفة تهتم بالقضايا الكونية، وتصف ما تفعله بالاجتهادات والتعبير عن الرأي بصوت مرتفع، ودون خوف أو قلق،
وهي كذلك تهتم بالشخصيات الفارقة في التاريخ العربي الحديث، وتجمع بين منتهى البساطة ومنتهى العمق في قصائد الديوان، فهي تقول في قصيدة “سادس الصلوات”، والتي تتحدث فيها عن عيد ميلادها وكيف يكبر الإنسان سنوات دون أن يهتم، ومع هذا فهي ترى نفسها كبرت قصيدة:
“في عيدِ ميلادي كبرتُ قصيدةً
أُخرى فلا أهتمُّ بالسَّنواتِ
وتقول في القصيدة نفسها في رقة شديدة:
لا شيءَ في الجاتوه يدهشني سوى
ما تفعلُ السكِّينُ بالكرزاتِ
وكأنها لا تهتم بالعمر الذي يكبر ولا بالمائدة المعدة للاحتفال بقدر اهتمامها بشق السكين حبة الكرز إلى نصفين!”.
وهي ذاتها الشاعرة المرأة الحكيمة، مثلما تصف نفسها حين تقول في قصيدة “غيث مدامعي”:
“وبحكمةِ امرأةٍ تُفلسفُ ما ترى
أنشدتُ بيتًا طارَ نحو كمالهِ
إنَّ الحياةَ قصيدةٌ موشومةٌ
بالأمنياتِ لمنْ يضيقُ بحالهِ”.
ومن حكمة المرأة وحنكتها التي صقلتها تجربتها في الحياة تنتقل الشاعرة إلى الهم العام، وتحتفي بعدد من الشخصيات التي تكن لها التقدير والاحترام العميق، وهي تكتب عن العراق والسودان واليمن وكأنها تحيا في كلِّ بلدٍ منها طوال حياتها، وبروح عروبية أصيلة تتبدى على طول الديوان، فتعنون إحدى القصائد “العراقية الأولى”، وتقول في مطلعها:
“يفوحُ بالعطرِ إن قلتُ “العراقُ” فمي
فهل أُلامُ إذا أجريتُ فيه دمي؟!
وهل أُلامُ وما في الأرضِ عاشقةٌ
أنَّ “العراق” حبيبي، قِبلتي، حرمي؟!
وكذلك تبدأ قصيدتها “أبو العالمين” قائلة:
كن بالعراق رحيمًا أيُّها الشفقُ
إنَّ العراق بغير الفجر لا يثقُ
وهي في قصيدة “أرباب الجوى” تحتفي بالسودان وأهله قائلة:
ملءُ العيون بأهلِها السودانُ
والفطرةُ البيضاءُ والإيمانُ”.
ومن البلاد إلى العباد، إذ تحتفي بمن شغل الدنيا وأوقفها على قدمٍ وهو متكئ في مقعده، شيخ الشعراء وأميرهم “أبو الطيب المتنبي”، فتوجه إليه قصيدتها “آخر الأفذاذ”، قائلة: إلى مالئِ الدنيا وشاغلِ الناس “أبي الطيب المتنبي”.
وهي كذلك تهدي قصيدتها “على شرفة الخالدين إلى رُوح الشاعر حسب الشيخ جعفر، وتقول فيها:
ووالله ما فتَّتَ الدهرُ صلدَا”
وفي نص آخر عنونته “رجفة أبيات”، تهديه إلى روح قنديل الأردن الذي لم ينطفئ مصطفى باشا القيسي، تقول:
“وقفتُ لكي أرثيكَ والفقْدُ يوجِعُ
فمِنْ أينَ لي عينٌ تفيكَ وأدْمُعُ؟!
ومن القصيدة نفسها تقول:
وجرحُكَ مِنْ دونِ الجِراحِ لهُ فمٌ
ورأسٌ وأسنانٌ وعينٌ وأذْرُعُ”.
يذكر أن (عتاب الماء) هو الإصدار الرابع للشاعرة المحامية جمانة، التي سبق أن أصدرت: سنابك البلاغة، قبضة في أثر المجاز، قصائد مشاغبة، ولها تحت الطبع ديوان خامس عنوانه (خاتم الياقوت) سيصدر في إمارة الفجيرة،
وكتاب في النقد المسرحي عنوانه (تمثلات الحداثة وما بعدها في المسرح العماني) سيصدر عن الهيئة العربية للمسرح، ونالت عدة جوائز من بينها: جائزة أثير للشعر العربي، وجائزة أوسكار للمبدعين العرب،
وجائزة شهداء غزّة، وشاركت في عدّة مهرجانات أبرزها: جرش للثقافة والفنون ومهرجان بابل الدولي للفنون والثقافات، ومهرجان اسطنبول للشعر العربي، ومهرجان موآب الدولي، ومهرجان شاعر شباب العرب.