الشيخ علي يوسف صاحب أشهر قصة زواج في مصر
(علي أحمد يوسف الحسيني البلصفوري)
– الميلاد: 1863م، قرية بلصفورة، مركز سوهاج، محافظة سوهاج (مصر) لأب من بلصفورة (سوهاج)، وأم من بني عدي (أسيوط)..
ينتمي الشيخ علي يوسف (رحمه الله) إلى عائلة المؤيّد بمحافظة سوهاج، وهي إحدى العائلات العريقة التي يمتدّ نسبها إلى سيّدنا الحُسين بن علي (رضي الله عنهما)، وهو الاسم (المؤيّد) الذي أطلقه على جريدته الشهيرة.
– الوفاة: 25 أكتوبر 1913م، (24 ذو القعدة 1331هـ) القاهرة.
– نشأ يتيمًا، متديّنا، في أسرة بسيطة، فقد مات والده قبل أن يكمل سنة من عمره، ولكنه كان عصاميا، واستطاع بواسطة اجتهاده ونبوغه أن يصبح صديقا ومستشارا للخديوي، والصحفي العربي الأول، وحصلَ الشيخُ على رتبة البَكَويّة، ثم الباشوية، وعضوية مجلس الأمة، أما خصومه فكانوا يرون أنه ابن القصور والأنظمة، والمساند والداعم للحكام، رغم أن جريدة المؤيّد كانت تفتح صفحاتها للمؤيدين والمعارضين..
نشأةالشيخ علي يوسف
– حفظَ القرآن الكريم، وتلقّى مباديء العِلم في قرية (بني عدي) بأسيوط، حيث عائلة والدته التي عادت لقريتها بعد وفاة زوجها (والده)، ثم انتقل إلى القاهرة سنة 1881م، ليكمل دروسه في الجامع الأزهر، ولم يكتفِ بالتعليم الأزهري، فأخذ يطالع كتب التاريخ والأدب والشعر.
– نشر ديوانًا صغيرًا سمّاه: “نسمة السحر”، وأنشأ مجلة أسبوعية: (الآداب) التي عاشت ثلاثة أعوام، ثم أصدر جريدة المؤيّد في سنة 1889م، وهي الجريدة صاحبة الشأن في سياسة مصر، والشرق، والإسلام،
جريدة المؤيّد
كانت (جريدة المؤيّد) بفضل جهوده منتشرة انتشارًا واسعًا، واستمرت في الصدور قرابة 23 عاما متواصلة، وكانت تطبع (40 ألف نسخة) في ذلك الوقت، يتمّ توزيعها في مصر وخارج مصر.
– كان الشيخ علي يوسف، قوي الحُجة، سريع الخاطر، واسع الثقافة، مقدامًا جريئًا، وكانت تربطه علاقة صداقة قوية جدًا بالخديوي عباس حلمي الثاني، (أنتيم)، لا يفترقان، فهو المستشار السياسي، والمستشار الثقافي، والمستشار الاجتماعي للخديوي.. وهو الصديق الذي يعرف أدق تفاصيل وأسرار الحُكم..
– من أشهر وأمهر الصحفيين العرب، ومن كبار مفكري العصر، وصاحب جريدة المؤيّد الشهيرة، ورئيس حزب الإصلاح، ومؤسس جمعية الهلال الأحمر المصري.
شارع الشيخ على يوسف – المنيرة
هو أحد أطول شوارع منطقة المنيرة، عند محطة مترو السيدة زينب وشارع قصر العيني غربا.. ويسير الشارع موازيا لشارع قصر العيني، ويبدأ من شارع محمد عز العرب (المبتديان) عند حديقة دار العلوم، وينتهي عند مستشفى أبو الريش للأطفال، والمدرسة الابتدائية التي تحمل اسم صاحب الشارع.
قالوا عن الشيخ علي يوسف
قال سليم سركيس، رفيق الشيخ في جريدة المؤيد: (كانت للشيخ مَزِيّةٌ مدهشة، وهي أنه أقدر كاتب على الاقتباس، وله ذاكرة ليس هناك أقوى منها في استيعاب ما يُعرض لها، ويُدهشني منه مقدرته النادرة على كتابة أيّ موضوع خطير مهما كانت الظروف المحيطة به)
وقال عنه عباس محمود العقّاد: (الصحفيون كثيرون، ولكننا إذا نادينا أسماءهم من الذاكرة لم يكن منهم مَن هو أسرع تلبيةً للنداء العاجل من اسم «علي يوسف» صاحب المؤيد، إنه كان يصنع صناعته الصحفية ليتعلمها الناس منه، ولم يكن يتعلم على أساتذتها في الشرق والغرب ….
وأضاف العقاد: (إذا أردنا أن نجمعَ لهذه الشخصية النادرة مفتاحها في كلمة واحدة، فهي كلمة العِصامية، حيث تصل العصامية أحيانًا إلى حدود المغامرة، وهذه القيمة؛ قيمة العصاميّ الذي بلغ في المكانة الاجتماعية مبلغ ذَوِي الرأي، هيَ هي التي جعلت لكتابته السياسية صِبغةً كصِبغة اللغة الدبلوماسية بين وزراء الخارجية والسفراء، وهيَ هي التي جعلته يعتزل الصحافة بعد أن أُسنِدت إليه وظيفة (سيّد السادات) أو شيخ الطريقه !).
قال الكاتب اللبناني يوسف البستاني: (أنظر إليهِ بعين الصحافيّ فأراهُ عظيم البراعةِ في تقليب البراعة، وشديد الحصافة في ميدان الصحافة ، ولو وجد قلمهُ من عواطفهِ دَعامَه لرفعهُ بيننا إلى مقام الزعامة)
عندما تُوفيَ الشيخ رثاهُ شاعر النيل حافظ إبراهيم:
أَقامَ فينا عِصامِيّاً فَعَلَّمَنا/
مَعنى الثَباتِ وَمَعنى الجِدِّ وَالدَأَبِ/
وَراحَ عَنّا وَلَم تَبلُغ عَزائِمُنا/
مَدى مُناها وَلَم تَقرُب مِنَ الأَرَبِ/
كما رثاه أيضًا الشاعر: البيلي علي البشبيشي بقصيدةٍ شجيّة بعنوان (شيخ الصحافة)، فقال:
وَفَّىٰ الجهادَ وسار للجَنّاتِ/
ربُّ المؤيدِ سيّدُ الساداتِ/
فاستَنزِلي يا مصرُ آخرَ دمعةٍ/
حرّى عليه و صعِّدي الزفراتِ/
جمع الأفاضلَ والأماجدَ حولهُ/
فأمدَّهم بأطايبِ الثمراتِ/
قد كان مدرسةُ الكِنانةِ للأُلَى/
خرجوا عليه فعقَّبوا العقباتِ/
ماتَ الذي يا مصرُ قد كانت له/
فيكِ الأيادي تُنبتُ الجَنّاتِ/
شيخُ الصحافةِ والسياسةِ في الذَرَى/
ومخفِّفُ الأنَّاتِ والويلاتِ/
هلْ ناءَ بالدُنيا أم الدنيا بهِ/
ناءَتْ فراحَ لدارهِ الجَنّاتِ/
قصة أشهر زواج في مصر
– تقـدّمَ “علي يوسف” لخطبة (صفية السادات) ابنة الشيخ عبد الخالق السادات، وهو من كبار أثرياء وأعيان مصر، ويمتد نسبه إلى سيدنا الحسين (رضي الله عنه).
– رفض الشيخ السادات زواج ابنته من الصحافي علي يوسف، بسبب عمله في مجال الصحافة التي كان المجتمع في ذلك الوقت يراها “مهنة وضيعة” تشبه مهنة التشخيص (التمثيل)، فالاثنان يطبلان: المشخصاتي يطبّل ويرقص للعامة، والصحفي ينافق ويطبّل لأسيادِه..
– وافق الشيخ السادات مُكرهًا مُرغمًا، بعد أن (وسّطَ) “علي يوسف” كل كبار المجتمع المصري، وعلى رأسهم صديقه الخديوي عباس، لإقناع الشيخ السادات بالموافقة على زواج ابنته من الصحفي علي يوسف.
– لكن الشيخ السادات ظل يماطل ويطيل في فترة الخطوبة..
– في عام 1904م، قرر “علي يوسف” الزواج من محبوبته “صفية السادات” من دون معرفة أبيها الذي “جُن جنونه” عندما نشرت الصحف الخبر، ورفع دعوى أمام المحكمة الشرعية يطالب فيها بإبطال الزواج، والتفريق بين الزوجين.
– كانت تلك القصة هي حديث مصر كلها في ذلك الزمن، وظلت القضية مطروحة أمام المحكمة، وقضت المحكمة في الجلسة الأولى بتسليم “صفية” إلى أبيها الشيخ السادات لحين الفصل في الدعوى بحُكم نهائي، ولكن “صفية” رفضت، وخافت من انتقام والدها، وخـيّـرها القاضي أن تقبل الإقامة في بيته، أو في بيت مفتي الديار المصرية، أو بيت “الشيخ الرافعي”، ووافقت “صفية”، على الإقامة في بيت الشيخ الرافعي.
– نشرَ “علي يوسف” قصة زواجه في الصفحة الأولى من جريدة “المؤيّد” التي كان يرأس تحريرها في ذلك الوقت،
– حكمت المحكمة بالتفريق، لعدم التكافؤ بين الزوجين، وقال القاضي: إن زواج صفية من “علي يوسف” باطل، لأن “الشيخ السادات” من كبار المجتمع المصري، ومن نسل “الحسين” وأن “حِرفة الصحافة” التي يعمل بها الزوج “علي يوسف” “حِرفة وضيعة”.
– العجيب أن الشيخ السادات تراجع بعد ذلك، عندما وجد إصرار ابنته وتمسّكها بالصحفي “علي يوسف”.. ووافق على الزواج.
– والأعجب من ذلك أن “علي يوسف” و”صفية السادات”، عاشا حياتهما الزوجية (9 سنوات) في خلافات لا تنقطع، وصراعات دائمة، و(مشاجرات)، ومشاكل مستمرة وَصَلَت تفاصيلها للصحف، رغم إنجاب 3 بنات، ومات “علي يوسف” مهمومًا نادمًا على الزواج منها، قبل أن يكمل 50 سنة..
———-
يسري الخطيب