الفلسطينيون يسخرون من فكرة تهجيرهم
سخر الفلسطينيون من تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأنه يريد من الأردن ومصر ودول عربية أخرى قبول المزيد من اللاجئين الفلسطينيين من قطاع غزة ، وأنه يجب إخراج عدد كاف من السكان من هناك “لتطهير” المنطقة.
قال شباب غزة الذين أمضوا الليل مع الآلاف من مواطنيهم على طريق الرشيد الساحلي في انتظار السماح لهم بالعودة إلى أنقاض منازلهم في شمال قطاع غزة، إن خطة التهجير أصبحت شيئاً من الماضي بعد أن وفشلت في وجه صمود مليوني فلسطيني، رغم القتل المتواصل المستمر منذ 15 شهراً.
وقالوا إنهم لا يتحملون مغادرة أماكن سكناهم والانتقال إلى أجزاء أخرى من الحزام وأنهم يتطلعون للعودة إلى منازلهم رغم كل محاولات الاحتلال لتدمير ما هو ضروري للحياة وإجبارهم على ذلك. الخروج.
إنكار التهجير
ورد الناطق باسم حركة حماس في غزة، حازم قاسم، على تصريحات ترامب، قائلا إن كلام الرئيس الأمريكي يتماشى مع موقف اليمين الإسرائيلي المتطرف الذي يدعو إلى تكرار نكبة الشعب الفلسطيني، لكنه سيكون كذلك. ولا تجد من يستجيب لمثل هذه المشاريع.
وأشار قاسم في تصريح للجزيرة إلى أن الشعب الفلسطيني في غزة لم يترك أرضه وأصر على البقاء طوال 470 يوما من الحرب والقتل والإبادة والتهجير القسري والمجاعة.
وأضاف أن الفلسطينيين الذين أجبروا على ترك منازلهم في شمال غزة وتوجهوا إلى الجنوب ينتظرون اللحظة التي يمكنهم فيها العودة إلى منازلهم التي لا تبعد عنهم سوى أمتار قليلة، ولا يفكرون في المغادرة. قطاع غزة، فكيف يتوقع منهم ترامب أن يغادروا وطنك؟
وأشار قاسم إلى أن تصريحات ترامب تخالف القانون الدولي الذي يحظر التهجير القسري للسكان من بلادهم، وطالب الدول العربية باتخاذ موقف واضح ورفض مشاريع التهجير.
وقال الرئيس الأميركي دونالد ترامب للصحافيين أثناء صعوده على متن الطائرة الرئاسية: “أريد أن تستقبل مصر والأردن سكان قطاع غزة بشكل مؤقت أو لفترة طويلة”.
وقال سمير أبو مدللة عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين: إن “مقترح ترامب محاولة دنيئة للاستفادة من الدمار الهائل في غزة والتهرب من مسؤولية المحتل في إعادة الإعمار”.
وأضاف أبو مدللة في حديث للجزيرة أن على سكان قطاع غزة، بناء على قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194، العودة إلى ديارهم التي هجروا منها عام 1948، بدلا من مواجهة حملات تهجير جديدة.
ذريعة للعدو
وحذر عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية من أن تصريحات ترامب يمكن أن تكون ذريعة لعدو إسرائيل لتأخير انسحابه من قطاع غزة بحجة الفوضى التي تحدث عنها، وبالتالي تحفيز مصالح إسرائيل الأمنية المفترضة.
الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية د. ورفض مصطفى البرغوثي تصريحات الرئيس الأمريكي رفضا قاطعا، مؤكدا أن التطهير العرقي لقطاع غزة، الذي فشل الاحتلال في تحقيقه عبر القصف الإجرامي والإبادة الجماعية، لن يتحقق عبر الضغط السياسي.
وأوضح البرغوثي في تصريح لوسائل الإعلام أن الشعب الفلسطيني مصمم على البقاء في وطنه ولن يخدع بعد أن تعلم من نكبة 1948 أن الصمود على أرضه هو مفتاح بقائه. وأضاف أن مؤامرة التطهير العرقي لن تنجح لا في غزة ولا في الضفة الغربية.
وأدانت لجنة القوى الوطنية والإسلامية الفلسطينية تصريحات ترامب التي تكشف حجم المؤامرة التي تستهدف تهجير الشعب الفلسطيني ضمن أجندة اليمين المتطرف الإسرائيلي.
وشددت اللجنة في بيان لها على أن هذه التصريحات تتطلب موقفا فلسطينيا موحدا وتحركا سريعا لتحقيق الوحدة وبناء استراتيجية وطنية والتواصل مع الأشقاء في الدول العربية والإسلامية ووضع خطة شاملة لمعارضة ومنع هذه الخطة الخطيرة.
ودعا إلى اجتماع وطني عاجل للتوصل إلى اتفاق حول سبل إفشال خطة التهجير التي أفشلها الشعب الفلسطيني بصموده وإصراره على البقاء في أرضه رغم الإبادة الجماعية والدمار الشامل الذي يرتكبه جيش الاحتلال المجرم.
ووجهت اللجنة نداء عاجلا إلى مصر ودول مجلس التعاون الخليجي والدول الإسلامية للبدء في مشاريع إعادة الإعمار في غزة باعتبارها خطوة مهمة وضرورية نحو وقف خطة التهجير.
قفزة فارغة
ويرى المحلل السياسي الفلسطيني ياسر أبو هين أن طرح ترامب لتهجير الفلسطينيين هو مجرد قفزة في الفراغ لأنه سبق أن طرح نفس الشيء على دول أخرى.
واستبعد احتمال نجاح ترامب في اقتراحه لعدة أسباب، أولها أن كل الفظائع التي ارتكبتها إسرائيل خلال حربها في غزة فشلت في تهجير الفلسطينيين. وما لم تتمكن إسرائيل من تحقيقه بالحرب، لن يتمكن ترامب من تحقيقه، نظراً للتجارب المريرة التي عاشها الشعب الفلسطيني منذ زمن النكبة.
وأشار أبو هين إلى سبب آخر، يظهر بوضوح في انتظار النازحين الفلسطينيين في جنوب القطاع للعودة إلى منازلهم في الشمال، وهو ما يؤكد رفضهم لأي مقترح للانتقال حتى مع تقديم حوافز لهم. الذين يوافقون على القيام بذلك يذهبون.
وأضاف: “تصريحات ترامب بدت وكأنه يريد أن يدفع أهل غزة ثمن الإبادة التي ارتكبتها إسرائيل بحقهم، بدلا من التركيز على التعامل مع تداعيات الحرب والبدء في إعادة الإعمار”.
ويرى المحلل السياسي أن الموافقة السريعة على تصريحات ترامب من قبل السلطات الإسرائيلية تكشف انسجام وجهات النظر والأفكار بين إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية التي كانت الداعم الرئيسي للحرب على غزة..