المواد المثيرة للجدل بمشروع قانون الإجراءات الجنائية في مصر

الأمة| ناقش مجلس النواب هذا الأسبوع مشروع قانون الإجراءات الجنائية الذي يتكون من 540 مادة، وقد ناقش النواب حتى الآن وأقروا 171 مادة، بما في ذلك ـ يومي الأحد والإثنين ـ وكان هناك عدد من المواد التي أثارت جدلاً واسع النطاق.

ورغم اعتراضات قوية من نواب المعارضة، وافق نواب حزب مستقبل وطن صاحب الأغلبية على ثلاث مواد -79 و80 و82- تسمح للنيابة العامة، بعد الحصول على إذن من القاضي، بمصادرة الخطابات والرسائل والبرقيات والصحف والمطبوعات والطرود، وإصدار أمر بمراقبة الاتصالات السلكية واللاسلكية، وحسابات وسائل التواصل الاجتماعي، والبريد الإلكتروني، والرسائل النصية والرسائل الصوتية والمرئية، ووضع هواتف محمولة محددة، ومواقع إلكترونية، وأجهزة تقنية أخرى تحت المراقبة، وتسجيل المحادثات التي تجري في خصوصية إذا كان ذلك مفيداً في الكشف عن الحقيقة بشأن جناية أو جنحة يعاقب عليها بالسجن لمدة ثلاثة أشهر أو أكثر.

لا يجوز أن تتجاوز أوامر الحجز أو المراجعة أو المراقبة أو التسجيل مدة ثلاثة أشهر، ويجب تجديدها بعدها.

وواجهت المواد الثلاث اعتراضات من نواب المعارضة، وخاصة المتحدث باسم حزب الوفد محمد عبد العليم، والمتحدث باسم الحزب الاشتراكي المصري الديمقراطي فريدي البياضي، اللذين قالا إن المواد تتعارض مع الضمانات الدستورية للحياة الخاصة.

صلاحيات واسعة للنيابة في مصر

وأضاف البياضي أن “مسؤولي النيابة العامة سيكون لديهم صلاحيات واسعة لانتهاك الحياة الخاصة للمواطنين، وقد يستخدمونها لاعتقال أي شخص يستخدم جهازا إلكترونيا أو وسائل التواصل الاجتماعي للتعبير عن آراء معارضة”.

وأعرب عبد العليم عن خشيته من أن يتم استغلال المادة 79 على وجه الخصوص “لفتح الباب على مصراعيه لمراقبة واعتقال المواطنين الذين يعبرون عن آرائهم السياسية”، وطالب “بتعديل المادة بحيث تمنح النيابة العامة سلطة مراقبة الاتصالات وحسابات مواقع التواصل الاجتماعي لمدة 30 يوما غير قابلة للتجديد”.

وقال عبد العليم إن عبارة “قابلة للتجديد لمدة أو مدد مماثلة” تعني أن المواطنين قد يواجهون مراقبة لمدة غير محددة، في انتهاك للدستور وحقوق الإنسان والحريات، وأضاف أن “هذا ظلم وسيستقبله الرأي العام بشكل سيئ”.

وقال رئيس مجلس النواب حنفي الجبالي إن اعتراضات البياضي وعبد العليم معيبة، لأن المراقبة لن تتم على نطاق واسع، وتحتاج إلى أمر قضائي، وستخضع لضوابط قانونية صارمة.

وقال الجبالي “لا يجوز تحت أي ظرف من الظروف إخضاع أي شخص لمراقبة عشوائية أو غير قانونية”.

وأشار أيضاً إلى أن المحكمة الدستورية العليا أيدت في عام 2018 مشروعية مراقبة الاتصالات وفقاً لنفس الضوابط الواردة في قانون الإجراءات الجنائية الحالي.

أكد وزير شؤون مجلس النواب محمود فوزي أن “الغرض من قانون الإجراءات الجنائية هو تحقيق العدالة، والغرض من تحقيقات النيابة هو تحقيق العدالة أيضاً، وإذا أردنا لها النجاح فلابد أن تتمكن الجهات التي تجري التحقيق من الحصول على الأدلة في إطار الضوابط الدستورية”.

واستشهد فوزي بالمادة 57 من الدستور التي تنص على أن للمراسلات البريدية والبرقية والإلكترونية، وحرمة الحياة الخاصة، ولا يجوز الاطلاع عليها أو مصادرتها أو مراقبتها إلا بأمر قضائي ولمدة محددة في الأحوال التي يبينها القانون.

كما وافق مجلس النواب على المادة 123 الخاصة بالحبس الاحتياطي، رغم اعتراضات نقابة الصحفيين ونقابة المحامين ومجلس أمناء الحوار الوطني.

ودافع فوزي عن النص النهائي للمادة 123، الذي ينص الآن على أن “مدة الحبس الاحتياطي في مرحلة التحقيق الابتدائي وسائر مراحل الدعوى الجنائية لا يجوز أن تتجاوز ثلث الحد الأقصى للعقوبة المقيدة للحرية” – أي أربعة أشهر في الجنح، و12 شهرا في الجنايات، و18 شهرا إذا كانت العقوبة المقررة للجريمة هي السجن المؤبد – مؤكدا أن هذا يتفق مع التوصيات التي أقرها الحوار الوطني.

وقال فوزي إن “المادة 123 تخفض الحد الأقصى لمدة الحبس الاحتياطي في الجنح من ستة إلى أربعة أشهر، وفي الجنايات من 18 إلى 12 شهراً، وفي الجرائم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام أو السجن المؤبد من 24 إلى 18 شهراً”.

وقال وزير العدل عدنان الفنجري إن المادة 123 “تعطي المتهمين ضمانة بعدم استخدام الحبس الاحتياطي بشكل مفرط وغير محدد المدة”، وتلبي مطالب منظمات المجتمع المدني بشأن الحبس الاحتياطي.

تعديلات المعارضة مرفوضة

وافق نواب من الأحزاب الموالية للحكومة على المادة 123، رافضين التعديلات التي اقترحها نواب المعارضة والتي تضمنت بدائل للاحتجاز الوقائي مثل المراقبة الإلكترونية والإقامة الجبرية.

واقترح عبد العليم تقليص مدة الحبس الاحتياطي إلى ثلاثة أشهر في الجنح، وستة أشهر في الجنايات، وسنة في الجرائم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام أو السجن المؤبد، فيما اقترح البياضي السماح للمتهمين بارتداء سوار إلكتروني كبديل للحبس الاحتياطي، مشيرا إلى أن أجهزة مماثلة مستخدمة في الجزائر ولبنان والأردن.

رفض المستشار القانوني عمرو يوسف، عضو اللجنة الفرعية التي أعدت مشروع التعديلات، مقترح البياضي.

وقال يوسف إن “النيابة العامة يجب أن يكون لها الحق في وضع المتهمين في الحبس الاحتياطي، وخاصة أولئك الذين لديهم سوابق جنائية طويلة”، مشيرا إلى أن التتبع الإلكتروني يجب أن يكون جزءا من “نظام متكامل، ولا تنطبق عليه حالات التعويض عن الحبس الاحتياطي، ولن يتم خصم مدة التتبع من مدة العقوبة، كما هو الحال في الحبس الاحتياطي”.

“من سيقوم بتركيب الأساور؟” سأل يوسف. “كم ستكلف؟ من سيتحمل النفقات؟ وماذا لو ارتكب الشخص فعلًا يؤدي إلى نزع السوار؟”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights