الموقع الجغرافي للصومال وأثره على الصراع السياسي في منطقة القرن الإفريقي 

خلاصات بحثية (٢)

قراءة: الهيثم زعفان

(العنوان لأطروحة دكتوراه من إعداد الباحث: أحمد موسى عثمان؛ تخصص الجغرافيا السياسية – كلية الآداب- جامعة إفريقيا العالمية – الخرطوم- السودان، تقع الأطروحة في ٢٢٥ صفحة، وقد رجع الباحث فيها لـ ١٣٩ مصدراً بحثياً، ونوقشت الأطروحة وأجيزت في العام ٢٠١٧م).

كان الصومال الكبير يضم تاريخياً كلاً من الصومال، جيبوتي، شمال شرقي كينيا، وأجزاء من إثيوبيا، وقد تسبب الاستعمار البريطاني والفرنسي والإيطالي في تفتيت الصومال الكبير، فاستقطعت جيبوتي والتي كانت تسمى (أرض الصومال الفرنسية)، وفي عام ١٩٥٤م قام الاحتلال البريطاني بتسليم (إقليم الغرب الصومالي) أو ما يعرف باسم (إقليم أوجادين) إلى إثيوبيا على عكس رغبة أهل الإقليم، فيما ضُمت إلى كينيا المقاطعة الشمالية الشرقية التي تسمى ( إقليم أنفدي ) والتي يسكنها صوماليون.

وقد ظلت الخواص الإستراتيجية لموقع الصومال الجغرافي على مر التاريخ عامل جذب لقوى مختلفة متصارعة تسعى لتحقيق أهداف إستراتيجية وعسكرية لبلادها، فالصومال من منظور جغرافي يعتبر موقعاً حيوياً واستراتيجياً ،فإضافة إلى موقع الصومال الاستراتيجي ضمن دول القرن الإفريقي، يشرف الصومال على ممرات مائية هامة تربط العالم الغربي بالعالم الشرقي فهو يطل على جبهتين بحريتين يبلغ طولهما نحو (٣٣٣٠ كلم) وهما (البحر الأحمر والمحيط الهندي)، ويقع الصومال في نقطة التقاء قارتي آسيا وإفريقيا، ويشرف على نقطة الاختناق في جنوب البحر الأحمر. كما أن الصومال يملك جميع مقومات الدولة الطبيعية والبشرية، حيث تشير الأطروحة إلى أن الثروة الطبيعية في الصومال كالنفط والمعادن المختلفة واليورانيوم الذي يوجد في الصومال بكمية كبيرة وحتى الجانب الزراعي والسمكي لم تستغل بالطريقة المثلى. فأصبحت كل هذه العوامل سبباً للصراع الجيوبوليتيكي والتدخلات الخارجية من القوى العظمى، والدول المجاورة مما تسبب في حدوث المشكلات الداخلية وعدم الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي والاجتماعي للدولة الصومالية.

والصومال مجتمع قبلي، الديانة الرسمية فيه هي الإسلام، وهو عضو في جامعة الدول العربية، ويتحدث الصوماليون اللغة الصومالية، وهي من اللغات الكوشية التي تضم بضعاً وثلاثين لغة ولهجة وتنتشر في شرق إفريقيا، واللغة العربية في الصومال لغة رسمية. ويعتمد النشاط الاقتصادي الصومالي على الرعي وتربية الحيوانات حيث تمثل نسبة الأراضي الصالحة للرعي قرابة نصف مساحة البلاد تقريباً، وتقدر ثروة البلاد من الإبل بنحو (٦,٨ ملايين رأس)، ومن الأبقار بنحو (٥,١ ملايين رأس) ومن الأغنام بنحو (١٣,٥ مليون رأس) ومن الماعز بنحو (٢٠ مليون رأس).

وترى الأطروحة أن الشعب الصومالي يمتلك الصفات التي تؤثر في قوة الدولة وهي وحدة الدين واللغة والعرق، فهو عبارة عن أسرة واحدة، وأن هذه الصفات إذا ترابط معها قيادة رشيدة ونظام حكم رشيد واستقرار سياسي فإن هذا يقوي الدولة ويفرض هيبتها أمام العالم.

وقد دأبت الدول الكبرى على التدخل في الشأن الداخلي الصومالي كي تحافظ على مصالحها حيث يرى بعض المراقبين أن التمزيق الدولي المتعمد والمستمر لوحدة الشعب الصومالي لكون الصومال يقع في هذه المنطقة الاستراتيجية من القرن الإفريقي، وكونه يمثل تهديداً حقيقياً للوجود المسيحي في منطقة القرن الإفريقي، وكذلك بسبب انضمام الصومال لجامعة الدول العربية. وقد دخل الصومال في صراعات ونزاعات مع إثيوبيا وكينيا منذ الاستقلال بسبب ضم الاستعمار إليهما أراض صومالية؛ وقد أدت هذه الصراعات المرتبطة بالصومال في منطقة القرن الإفريقي لكثير من الكوارث وانتشار نقص الغذاء والمجاعات وصناعة مناخ من عدم الاستقرار السياسي وانتشار الحروب الأهلية والإقليمية، الأمر الذي أسهم في تبرير تواجد القوات العسكرية الأجنبية في هذه المنطقة الاستراتيجية.

 وقد أوصت الأطروحة بضرورة إنشاء الصومال لعلاقات طيبة وتحالفات دولية وإقليمية مع دول تريد الاستقرار والأمن للصومال، مع العمل على إيجاد الحلول لمنع التدخلات الخارجية في الشؤون الداخلية والمزعزعة لاستقرار الصومال، وضرورة وضع خطط إستراتيجية بناءة للاستفادة من الموقع المتميز للصومال، مع التوصية بإجراء مسح جغرافي شامل لاكتشاف الموارد والثروات الطبيعية الموجودة في البلاد، وبحث كيفية استثمارها بما يحقق التنمية ويقوي الدولة الصومالية.

الهيثم زعفان

كاتب وباحث متخصص في القضايا الاجتماعية والاستراتيجية؛ رئيس مركز الاستقامة للدراسات الاستراتيجية، مصر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights