تزكية ضابط متقاعد رئيسًا لمنظمة «رصّ الصّفوف لترقية المواطنة…» بالجزائر
سعيد بودينار: الخطاب السياسي والجمعوي في الجزائر أصبح مميّعا
(نحن مطالبون برصّ الصفوف مهما اختلفنا في الأفكار والقناعات)
زكّى ضباط سامون متقاعدون وشخصيات فكرية علمية ومثقفون سعيد بودينار وهو ضابط سامي متقاعد رئيسا لمنظمة رصّ الصّفوف لترقية المواطنة وتنظيم المجتمع” باعتباره صاحب المبادرة وذلك في مؤتمر تأسيسي احتضنته دار الثقافة عيسى مسعودي بولاية عين تموشنت، مع تشكيل أعضاء المكتب الوطني، العملية تمت بحضور محضر قضائي، حسب سعيد بودينار يأتي هذا التنظيم بعد مشاورات عميقة، أثمرت بجمع أصوات رجال وشخصيات تسعى إلى بناء جزائر جديدة تقوم على بناء المواطن الصالح وترقية المواطنة والدفاع عن المبادئ والقيم الإنسانية السامية و تعزيز البنية الاجتماعية
الوطن، الهويّة، القيم الإنسانية، المبادئ النوفمبرية، بناء الوعي الرشيد والوعي الإنساني، المواطنة، رصُّ الصفوف ووحدة التراب الوطني هي مفاهيم، تعدُّ من القضايا الأصيلة التي تسعى إلى تحقيقها «منظمة رصّ الصفوف لترقية المواطنة وتنظيم المجتمع» في برنامجها وأهدافها، هي مجموعة من الأفكار تبناها أشخاص لتجسيدها في الميدان خدمة للوطن والمواطن، في ظل ما تشهده البلاد من تغيرات جيوسياسية، تقتضي نبذ الصراعات وتوحيد الجهود وتظافرها في سبيل التعايش وتحقيق العلاقات الإنسانية، وتوطيدها مع توثيق الرابطة التي تجمع بين أفراد الأمة أينما كانوا، وما يترتب على تلك الرابطة، خاصة في ما يتعلق بقضايا المجتمع والمسلمين، فالاجتماع البشري يقتضي وجود روابط دينية، فكرية، ثقافية، اجتماعية وسياسية تجعل أفراد المجتمع يتعايشون فيما بينهم، حتى لو اختلفت إيديولوجياتهم، حيث تجمعهم عقيدة مشتركة و هذه العقيدة تكون أكثر حصنا ضد من يهدد البلاد وموجات التشظي، وقال سعيد بودينار في خطابه خلال افتتاحه المؤتمر التأسيسي إنه من الضروري توضيح الوضع الجيوسياسي والصراعات والتغيرات التي يشهدها العالم والتي تفرض علينا العمل ككتلة وحدة لمجابهة التهديدات وإرساء دولة قوية لها وزنها وتفرض منطقها.
وأشار بالقول إن الموقع الجيواستراتيجي لبلادنا يجعلنا عرضة للمتكالبين خلال جميع مراحل تاريخنا وتحملنا عبر الأزمنة والعصور ويلات الاستدمار والعبودية فتوالت النكسات، ففي كل مرة تتوالى الأخطاء ولا نستوعب الدروس ولا نقدس العبر، ليؤكد أنه لا يمكن أن تتكرر هذه الأخطاء وهذا المشهد، وعلينا أن نجابه كل مخطط يسعى إلى تدمير بلادنا من الداخل والخارج، فلنعش أعزاء أو نموت شهداء، هكذا عبّر سعيد بودينار الذي بدا رجل سياسة أكثر من رجل عسكر، و بلغة الواثق من نفسه قال سعيد بودينار نحن قادرون على رفع كل التحديات طالما نملك الرصيد التاريخي الثوري، موضحا أن هذا التنظيم يسعى إلى تعزيز البنية الاجتماعية، ولم يتوان سعيد بودينار في خطابه أن يُذَكِّرَ بأهداف المنظمة، مُعَبِّرًا عن قناعته بثقافة الاختلاف عندما قال: «قد نكون مختلفين في الأفكار والقناعات لكن الجزائر تتطلب منّا جميعا رصّ الصّفوف ووضع حد للتهديدات والأفكار التي تهدد استقرار البلاد»، فنحن ضحايا التوجه الخاطئ ولنا مسؤولية كبيرة في بناء المواطن وتكوينه ليكون مواطنا صالحا، مقاوما، واعيا، يشعر بوجوده وبدوره الأساسي في تحقيق استقرار المجتمع، يكون ذلك بالدفاع عن المعتقدات والهوية، بعيدا عن السيطرة على أفكاره أو توجيهها أو مصادرة آرائه، حسبه هو، من حق كل جزائري أن يعرف ما يحدث في العالم وهذا يتوقف على دور المنظمات والجمعيات، حتى يتمكن الجزائريون من المساهمة في إحباط كل المؤامرات أو زرع الفتن أو تقديم صورة قاتمة عن الجزائر.
الخطاب السياسي والجمعوي في الجزائر أصبح مميّعا
واستطرد سعيد بودينار قائلا: حان الوقت للقضاء على الظواهر المخزية والتي لا تشرف الشعوب لا سيما الشعب الجزائري الذي يملك كل المؤهلات، يكون ذلك من خلال إعادة ترتيب المفاهيم، فإن كانت الجيوش تغرس النواة الصلبة ، فالشعوب تقوم بالحروب، أراد بذلك القول أن إرادة الشعوب وحدها تحقق التغيير، فنحن كما قال بحاجة إلى الإمام المعتدل وإلى المثقف والباحث المعتدل، كلٌّ و الدور الذي ينبغي أن يقوم به داخل مدرسة وطنية فلا تكون هناك عقبات في طريق النمو، فالدفاع عن الوطن لا يقتصر على حمل السلاح فحسب، بل بنشر الوعي أيضا عن طريق آليات فعّالة، ووضع مشروع نهضوي، كي يصبح المجتمع أكثر وعيا ولذا ، فكل واحد مطالب بالحفاظ على رسالة الشهداء، ليضيف أن عملية البناء صعبة جدا سواء كان بناءً تحتيا أو فوقيا وهو العنصر البشري، وقد خلق خطاب رئيس المنظمة اهتمام كبيرا للمشاركين في المؤتمر التأسيسي من خلال المناقشات المثمرة، حيث تجاوب الكثير مع أطروحات سعيد بودينار رغم حرارة النقاش خاصة بالنسبة لبعض المفاهيم على غرار ورود مصطلحات كالقيم الإنسانية وفكرة تنظيم المجتمع المدني، حيث أثار بعضهم بعض المسائل الحساسة جدا تتعلق بطرق استعادة الثقة للمجتمع، وهو ما أشار إليه أحد المتدخلين الذي قال في تدخله أن الأحزاب السياسية فشلت ولم تحقق طموحات المواطن وكذلك بالنسبة للمجتمع المدني الذي لم يعرف كيف يوصل الرسالة، وثمّن متدخل آخر المبادرة التي قام بها رئيس المنظمة وقال إن هذه القضايا وجب مناقشتها في ورشات في ورشات، لأن الخطر يكمن في فقدان الثقة بين الحاكم و المحكوم.
في رده على تساؤلات الحضور قال سعيد بودينار أن الثقة مفقودة لأن الخطاب السياسي والجمعوي في الجزائر أصبح مميّعا، ولكي تكون هناك مصداقية نحتاج إلى خطاب صادق وجريء، لإعادة الثقة وخلق آليات تمنح للمواطن حلولا وليس قوانين، فلا نكون شعبويين، هي رسالة صريحة وجهها سعيد بودينار إلى الأحزاب السياسية لكي تتخلى عن الخطاب الشعبوي وتكون أكثر فعالية لا بالديماغوجية أو لغة الخشب بل بالعمل الجاد لتجسيد طموحات المواطن، داعيا إلى تحويل الأفكار إلى أفعال أو مبادرات، للإشارة أنه من بين أهداف المنظمة المساهمة في خلق منظومة وطنية متكاملة وشاملة، تعزيز مفهوم دولة القانون، خلق تبادل فكرية حضاري بين النخب، الدفاع عن مؤسسات الدولة والوقوف ضد المؤامرات التي تستهدفها، الاهتمام بالعنصر الشباني وجمع التنظيمات الطلابية في صف واحد لخدمة الوطن والنهوض به أكثر، العمل على نشر ثقافة السلم والأمن، الوقوف ضد محاولات التطرف الديني وغيرها من المبادرات التي تكون في مستوى التحديات، لأنه كما أضاف مهما كان حجم مشكلات هذا الواقع وتناقضاته، فكل المشكلات قابلة للعلاج، إذا كانت هناك إرادة سياسية و تتوحد فيها الرؤى للواقع الجزائري وما يهدد بلادنا من مخاطر خارجية، فهذه الإرادة وحدها تقود إلى إنجازات أكبر وأوسع في العمق.
علجية عيش من عين تموشنت