حاتم سلامة يكتب: الخديعة بسحر الوعظ
يوما ما أبدى بعض أحبائنا إعجابه بشيخ من المشايخ، منبهرا بحديثه الديني، ومن فرط إعجابه به أخذ يعيد توجيه مرئياته على صفحته الالكترونية.
تعجبت كثيرا من هذا الإعجاب المنكور، فمثل هذا الشيخ لا يجب أبدا لأي مسلم صادق أن يعيد مقطوعاته ولو كان ينطق بسلاسل من الذهب، لأن المفاجأة المحزنة أن هذا الشيخ هو أحمد حسون مفتي سوريا والبقية تعرفونها فلا داعي للحديث.
لكن نفس المهزلة تحدث اليوم في مصر وبين جماهير شعبها، للتبرير والترويج للعقائد الصوفية الباطلة، عن طريق الخطب الوعظية التي تمتلئ بها مقاطع ريلز واليوتيوب لعدد من دعاة الصوفية، الذين قدموا بمعسول الكلمات ما يهيج عواطف المشاهدين، فيستميلون قلوبهم، ويكسبون محبتهم، ليكون ذلك البدء تمهيدا لكل الزيوف العقدية والهرطقات الفكرية التي ينطقون بها في الفهم العقدي المختل، أي أنهم اتخذوا سبيل الوعظ للضحك على عقول الناس والتمكين للمفاهيم الشاذة التي يتبرأ منها الإسلام.
انظر لهذين الشخصين البارزين اليوم في العالم الأزرق، أحدهما أزهري معمم تنشر له كثير من المقاطع وهو يتغنى بمدح أهل البيت وسيدنا الحسن والحسين، ويتلاعب بمشاعر المصريين في محبة أهل البيت، وقد رأيته يوما يتحدث وقد خيل إلي أن الخوميني هو الذي يتحدث، بما ينطق من معتقدات فاسدة ومغالاة في الحسن والحسين، وهو جهوري الصوت كثيرا ما يردد أبيات الفرزدق في مدح سيدي علي زين العابدين، ولاحظ هنا قولي : سيدي، فأنا ممن يوقرون أهل البيت.
وأما الثاني، فتعرض له أحاديث وهو في حلقات الذكر، ويتناول أقاويل الزهد والزهاد مواقفهم، ويزعق بصوت عال: صلوا على طه الحبيب، بإيقاع تنخلع له القلوب، ولما هاجمته يوما على اعتماده بعض الأحاديث الضعيفة والموضوعة، لامني أحد المتابعين، واستنكر هجومي، وقال لي: لماذا تهاجم الرجل وأنا استمع إليه وكل ما يقوله مما يقرب إلى الله.
والحق أن اعتماد هؤلاء ومحاولة تقويمهم، لا يقوم على القلب والعواطف، وإنما على العلم والبصر، ومعرفة الخلفية والغاية التي يقف عليها هؤلاء، مما يضر العقيدة السليمة، ويهدم أصول الإسلام.
إن أحدهم اليوم لو تحدث بالمخالفات العقدية التي يدين بها مذهبه، لما لامه أحد أو اعترض عليه، أو صدق الخطأ عليه، لأنه ملك قلوبهم ابتداء وسحرهم باسم الوعظ، لتكون المأساة بعد ذلك في عقائد الناس التي تتلبس بالشركيات عن طريق هذا الحب وهذا الإعجاب وهذا الميل.