حاتم سلامة يكتب: كريمان حمزة رمز إسلامي وقيمة مصرية
توقعنا مع موت الإعلامية الكبيرة (كريمان حمزة) أن يخرج التلفزيون المصري ولو بمجرد ريبورتاج بسيط عن حياة السيدة كريمان وجهودها الإعلامية في (ماسبيرو) وعبر ما قدمته من برامج إعلامية كان لها تأثيرها الكبير منذ أكثر من 35 عاما من الزمان.
لكن ذلك لم يحدث وكأنها امرأة عادية لا قيمة لها ولا مكانة ولا أثر.
والذي أعرفه جيدا أعرف جيدا أنه لو ماتت راقصة أو مطربة لقامت لها الدنيا ولم تقعد.. ولكن يتم تجاهل كريمان حمزة لأنها تعطي رمزية إسلامية.
كريمان حمزة شئنا أم أبينا تعتبر رمز من رموز مصر، بل معلم من معالمها المعروفة.
بل أقول أبلغ من هذا وهو الواقع المعلوم.. إن كريمان حمزة تمثل رمزًا إسلامية، وهي في وجدان المصريين واجهة إسلامية، وهي السيدة التي ظلت طوال عملها في تقديم البرامج الدينية في التلفزيون المصري، وتسهم في تعليم المصريين أمور دينهم والاهتمام بقضايا أمتهم، والتأصيل المتين لمعالم الهداية في نفوسهم.
والمتابع لكريمان حمزة وبرامجها يجد فيها روعة الأفكار وعبقرية العرض، وحسن التقديم، وانتقاء الضيوف الذين ينالون من الجمهور مكانة واحتراما وتقديرا.. لقد كانت سببًا في ظهور وشهرة عدد من الشيوخ مثل عمر عبد الكافي، والشيخ ياسين رشدي، كما كانت وراء ظهور الشيخ الغزالي في الإعلام الرسمي للدولة.
كريمان حمزة لم تكن مجرد مذيعة برامج تلفزيونية، يقوم عليها ويساعدها فيها بعض المعدين الذين يتحملون العبء الأكبر في إعداد الحلقة ومادتها، ولكنها كانت المذيعة المثقفة الواعية الفاهمة المتدينة، التي عاشت في هذا الوسط الإعلامية وهي تجتهد بكل السبل أن تخدم دينها وتقدم صورة حسنة عن الإسلام، فهي الداعية الإسلامية كريمان حمزة قبل أن تكون الإعلامية المشهورة.
لم أكن أعلم أن السيدة كريمان حمزة كانت صاحبة أول تفسير نسائي للقرآن الكريم (اللؤلؤ والمرجان في تفسير القرآن)، وذلك حينما كتبت مقالا في هذا الموضوع مؤكدًا أن علم التفسير من العلوم العصية على النساء، حتى نبهني بعض الأصدقاء أن هناك تفسير كامل للقرآن أعدته السيدة كريمان حمزة وكان من الجهود العظيمة التي قدمتها خدمة للقرآن الكريم.
كريمان حمزة كانت ترتدي الحجاب الإسلامي عن قناعة واعتقاد وإيمان، وكانت فيه لائقة كاملة، ولم تكن ترتديه رياء أو سمعة شأنها شأن مذيعة كبسمة وهبة التي ظهرت في بدايتها بالحجاب في قنوات دبي، ثم بعد ذلك ظهرت بالتبرج الصارخ في التلفزيون المصري.. ولا شك أن الفرق هائل وكبير، بل مجرد ذكر هذا الفرق مني عيب كبير، لكني اضطررت إليه لأذكر أصحاب المبادئ كيف هم من غيرهم.
كافحت كريمان حمزة وشاغبت وناضلت حتى تستمر بالصورة التي ارتضتها لنفسها ورسمت سمتها في حجابها الذي كان غريبا مريبا في فترة زمنية كانت الموضة تقترب إلى حد العري، فخرج هذا النموذج العف على الملأ في شاشات التلفزيون ليعلمهن الحشمة والوقار ويجسد الزي الإسلامي المحترم.
تعرضت برامج كريمان للإيقاف والالغاء والمنع وهي صابرة دؤوبة لا تكل ولا تمل بإصرار رهيب على المضي في طريقها حتى فرضت وجودها..
أنجزت كريمان حمزة عبر رحلتها الطويلة (17) كتابا دينيا، و(3500) حلقة قدمتها في مختلف البرامج الدينية، فضلاً عن المحاضرات التي ألقتها في دول وجهات مختلفة متناولة فيها شتى القضايا والموضوعات.. وساهمت من خلال رحلتها الطويلة في وجود مدرسة من الإعلاميات المحجبات.. وزيادة إقبال النساء على الحجاب لأن المذيعة في اعتقادها قدوة لمن يراها.
توجد مواقف كثيرة تعرضت لها كريمان حمزة مما يدلل على اعتزازها بقيمها ودينها وأبرزها موقف دائما ما كانت تتذكره ولا تنساه عندما كانت مراسلة للتليفزيون المصري في لندن تقوم بتغطية مؤتمر المهرجان الإسلامي..
وقام التليفزيون الإنجليزي بتسجيل حلقة معها، وكانت من بين الأسئلة التي وجهت لها: لماذا ملابسك تختلف عن ملابس الآخرين فأخبرتهم أن هذا هو الزي الإسلامي، ونتيجة لهذه الحلقة اتصلت بها المراسم الملكية لتدعوها على العشاء مع ملكة انجلترا.. وعندما تناول الحاضرون العشاء وضعوا الخمر في الكؤوس ورفعوها عاليا؛ إلا أنها لم تفعل ذلك، وعندما سألتها الملكة عن أسباب عدم رفعها لكأس الخمر، أجابتها أن الدين الإسلامي لا يسمح بذلك فابتسمت الملكة وصفق الجمهور لاحترامها لدينها وقيمه.
خلفت كريمان حمزة كتبا في السيرة الذاتية التي تقص فيه وتروي رحلة حياتها المليئة بالمحطات المهمة والمواقف المثيرة، أبرزها كتاب (لله يا زمري) و(رحلتي من السفور إلى الحجاب) و (رفقا بالقوارير)، و (تزوجت مجرما) ما أجدر القراء أن يعاينوا هذه الكتب ليجدوا فيها كثيرا من الدروس والعبر لرمز من الرموز الإسلامية، له بصمة وذكرى في حياة كل المصريين.