حاتم سلامة يكتب: محاولة للتزييف
كان من أعجب العجائب أن يخرج مؤخرًا فيلم وثائقي عن الشيخ العلامة الدكتور محمد عبدالله دراز، باسم رسائل الشيخ دراز، قامت عليه المخرجة ماجي مرجان واتصلت بأسرة الشيخ ومن بقي من أبنائه وأحفاده على قيد الحياة.
عرض الفيلم رسائل وخطابات بين الشيخ وأسرته أيام بعثته إلى فرنسا، وتحدث أبناؤه عن حياته وتعاملاته وأساليب تربيته ومحبته للعلم والبحث وعلاقاته في الداخل والخارج.
كل هذا شيء طيب أن يتذكر الأحياء من رحل من العلماء.
ولكن كانت هناك رسالة خفية وراء هذا الفيلم، فكل بنات الشيخ وبناتهن متبرجات، وهم من هم؟ إنهم أبناء العلامة دراز، ومعنى هذا أن يوجه الفيلم رسالة واضحة لكل سالك لطريق الدين وهي أن التبرج مباح وتنوير وحداثة ورقي.
ثانية المصائب أن تقوم مخرجة الفيلم باستضافة رجل ملحد وعلماني متطرف منحرف وهو الصحفي إبراهيم عيسى المعروف بهلوساته وهرطاته.. هذا القزم اختارته المخرجة ليتحدث عن الدكتور دراز، ليوهم المستمعين والمشاهدين أن الشيخ دراز تنويري ضد الالتزام والملتزمين، وأنه رجل متمرد على الدين والمتدينين الذي يحاول عيسى أن يجعل منهم خفافيش الظلام وشلالات التراجع والتخلف.
عجيب هذا الأمر.. شيخ أزهري في فيلم تسجيلي لا يتحدث عنه إلا هذا المسخ، ويُترك في الحديث عنه علماء الأزهر ودعاته من المتخصصين في قسم العقيدة والفلسفة؟
هذا أمر مريب غير مقبول.!
وهنا نقول: من يريد أن يعرف من هو الشيخ دراز عليه أن يسمع أحاديثه في إذاعة القرآن الكريم، ليرى الشيخ وهو التقي النقي شديد الالتزام بدينه والمعتز بأزهريته عدو التغريب والعلمانية، وخصم التنويريين والحداثيين صاحب المواقف والمبادئ..
وأنا هنا أريد أن أوجه سؤالًا لإبراهيم عيسى، لقد رفض العلامة دراز منصب شيخ الأزهر حينما عُرض عليه في الحقبة الناصرية، فهل يعرف ابن عيسى لماذا؟
أو هل يعرف ابن عيسى ما هو موقف الشيخ دراز حينما عَرض عليه زبانية عبد الناصر أن يهاجم جماعة دينية ويعلن تكفيرها والبراءة منها، كيف رد الشيخ ورفض ولم يرهب رجال محاولات التخويف والإرهاب؟
لماذا لم يذكر عيسى هذا الكلام؟
لأنه يعرف تمامًا أن نقل هذه الصورة ستهدم ما يريد خلقه وتزييفه على الشيخ بأنه كان شيخًا علمانيًا تنويريًا اتصل بالغربيين وتعلم في فرنسا التي تفتحت فيها آفاقه..
هذا هو الغرض والغاية محاولة للتزييف والكذب، تمامًا كما يحاولون فعله مع الإمام محمد عبده وتصويره بأنه زعيم العلمانية والتنوير في مصر.. ولو أن درازا أو محمد عبده على قيد الحياة لبصقوا على أمثال هؤلاء وأعلنوا رفضهم لكل انحراف عن الدين والقيم.