حشاني زغيدي يكتب: الصدق في الميدان
بين الميدان الذي هو ساحة المعركة، وساحة تدافع المشاريع، وساحة سباق العطاء، فالميدان وحده الحكم الصدق، وهو سيد المواقف، فيه ترسم الأفكار والخطط والمشاريع، وفيه تنفذ، فرق كبير بين واقع الديكور والبهارج واستعراض الأزياء في مواكب الأعراس، وواقع الميدان الحقيقي .
أقول لأصحاب المشاريع: ليخدعنكم المظاهر البراقة الكاذبة المزينة بالمساحيق، أقول لأصحابنا، اضربوا لكم المواعيد في ورشات العمل، اضربوا لكم المواعيد، في الميدان بتمريغ الأرجل في الوحل والطين.
ما يدفعني لكتابة هذه لأسطر من الأفكار، اعتقادي أن دور المثقف هو المشاركة في رسم معالم التحول ببذل الوسع مع الخيريين بإيقاظ الهمم، والاهتمام بالأدوار المهمة التي يجب القيام بها، فدور المثقف لا يقل أهمية عن دور المؤسسات النشطة المنفذة للمشاريع، وحقيقة المسؤولية عند القادة الناجحين، هي تكليف وليست تشريف، فما يجب إدراكه أن المسؤولية تحتم على القائد أن يكون والد الجميع، يجمع ولا يفرق، معياره في التعامل تقريب الأصلح، تقريب الأكفأ، وتقديم صاحب الخبرة الطويلة، ليس له هم سوى نجاح مشروعه، همه الوحيد تحقيق أهدافه، حتى ولو اصطدم الواجب مع أصحاب الأغراض والمصالح الدونية، من المنتفعين وهم كثر حول القائد.
فما يجب معرفته ووضعه في الحسبان، أن تأمين المشروع وتحصينه إلا بالبطانة الصالحة، البطانة الناصحة المخلصة، التي تكون عونا له في المشروع، وتكون عونا له في تجسيد مشروعه.
ويظل الميدان هو الحكم الوحيد لنجاح القائد، ويظل المحصول الملموس، هو المعيار الذي يؤشر على النجاح و الفشل.
فالقائد الناجح هو الذي ينزل المشاريع في الميدان، تخطيطا وتنفيذا وتقويما، فتصنع المشاريع في مخبره، يرعاها بتفقده و توجيهه.
وكل نجاح في المشاريع بشتى أنواعها، فهو ثمرة عمل متكامل، اشترك فيه جميع جهود المخلصين، وللقائد دور مهم في قيادة المبادرة، هو محرك أساسي في الفريق، ومع ذلك فهو شريك مع غيره، فالنجاح ثمرة تراكم جهود متنوعة من الموظفين والموظفات النشطين في الميدان، كلا حسب موقعه ومهامه وواجباته، فدور القائد الناجح هو تفعيل كل الموارد بالتعزيز والتشجيع و عرفان فضل كل العضو في محيطه.
وفي الأخير، فمن المهم في إدارة المشاريع العامة الخدمية، أن توسيع دائرة المشاركة لها أهمية كبرى في إنجاح المبادرات والمشاريع، فالمسئول الذي يشارك غيره، ويستمع ويصغي، ويتقبل النصح والتوجيه، والذي يتقن فن الإنصات، والذي يوسع دائرة مشورته، لوجهات نظر أخرى، من المختصين وكفاءات، وأصحاب الرأي، من النخب، سيكون النجاح حليفه.