حشاني زغيدي يكتب: حقائق لا يمكن تجاوزها
هناك في حياتنا حقائق لا يمكن تجاوزها، بل لا يستطيع المرء العاقل المرور عنها، ولا قفز عن حقيقتها.
حقيقة علينا وعيها، أن حياتنا تبدأ بالميلاد وتنهي بالموت، حقيقة ربانية مقررة، أن كل الموجودات ستفنى، ولا أقول تعدم، فالذي يصنع البداية لا يعجزه أن يصنع النهاية.
حقيقة أخرى لا يغفلها العاقل أن الجزاء من جنس العمل، وأن قبض أجر الأعمال مؤكد في القوانين والشرائع، وأن مبدأ التواب والعقاب مؤكد أيضا، بل هو صورة لمبدأ العدل.
حقيقة أخرى نلمسها في حياتنا، نراها أن التغيير سنة ماضية في الحياة، فكل من لم يتجاوب مع سنة التغيير فسوف يتبدد، وسوف ينتهي، وهي حقيقة لا تقبل الشك والربب، كون حركية التغيير ثابتة، مادامت الحياة مستمرة.
حقيقة مقررة أن الضعف والقوة أمران متلازمان، فلا الضعيف يظل ضعيفا، ولا القوي تدوم له القوة، ولا الضعيف يظل أبد الظهر ضعيفا، حقيقة تؤكدها حركية التاريخ.
ومن الحقائق التي لا يمكن لعاقل تجاوزها أن الدنيا تقاد بالعلم وأن طلب الآخرة بالعلم، بل شؤون الدنيا كلها تساس بالعلم، وأن قوة الجهل قوة مدمرة، فالأمم تتصدر بالعلم، وتتأخر بالجهل.
حقيقة أخرى لا يختلف حولها اثنان أن النفس تميل للاعتدال وترفض الغلو، أن التطرف بكل أشكاله صور للتخلف، تخالف الفطرة السليمة، لهذا نرى أن مشاريع التطرف لا يكتب لها النجاح، ولو غرتنا أهازيج دعايتها، وأن عاقبتنا الفشل، لهذا فترسيم مناهج الاعتدال هي الأسلم لحياة مستقرة سعيدة.
وتبقى الحقيقة أن النجاح ثمرة العمل، وأن التفاؤل باب السعادة، وأن الأحزان وإن طالت لا تدوم، وأن الخير باق لا تعدم جوانبه، وأن الصداقة في الحياة كنز ثمين، وأن التجارة مع الله هي باب السعادة الكبرى، وهي أفضل الأعمال، نحسبها تجارة مربحة لا تبور.