حشاني زغيدي يكتب: حين يموت الضمير
انقلبت الموازين، أصبحت الألوان عاتمة، كل الأشياء تحتاج لتصويب، حتى الضمير، كما كان يقولون، الضمير سيد، يقوّم ويوجّه، يرسل شارات العتاب واللوم، إذا حاد القطار عن جادة الطريق.
بات الوازع طريح الفراش، ينازع الموت البطيء، وبات الضمير في غرفة الإنعاش، يبحث له عن طبيب حادق يرد له الأنفاس المخنوقة، حين تصمّ الأذان عن سماع صوت صراخ المستغيث.
حين تعجز المنابر إسماع صوت المظلومين والمقهورين في باحات الأقصى، حين تعجز آلات التصوير رصد الحقيقة بين أكداس البيوت المتهدمة على رؤوس البرايا من النساء والأطفال والعجائز في أكناف غزة المحاصرة.
يموت الضمير حين يتلذذ الجلاد، بل يستمتع بقتل الضحية، المؤسف أننا نلبس ثوب الإنسانية، وهي لا تقر لنا بذلك، في عالم يمجد النفاق، يمجد الكذب، في عالم يصنع الزور والتدليس.
بات الضمير عدوا مذنبا يحجب الحقائق الواضحة، يساير الآنا والأنانية، يتنكر لبصمات الفطرة السليمة، يحابي الاستكبار والطغيان، يمجد الذات، يشرع للآلة قتل الإنسانية.
حين يصحو الضمير عند الأموات، يعقدون الاجتماعات في الصالونات المكيفة، يصنعون من المكان صرخة وفاة لنصرة المقهورين في عالم يتحكم فيه وحيد القرن.