حشاني زغيدي يكتب: دور العوامل الصغيرة في صناعة النهضة
حين نهمل العوامل الصغيرة، لا أتوقع أننا نبني نهضة، أو نصنع تقدما، حين نهمل أساسات البناء، حين نهمل دور البناء والمزارع والحداد، ونهمل دور عون النظافة والخباز والمعلم والجندي والشرطي، حين نهمل أصحاب الوظائف الصغيرة والحرف، المؤكد أنه سيشاطرني في هذا أصحاب الرأي، حين نهمل أدوارهم، فإننا لا نتمكن أن نمضي قدما، حين نهمل دور هذه العوامل الصغيرة في البناء النهضوي.
تأمل معي فإن الفلاح هو من يصنع النهضة الفلاحية، والبناء هو الذي ينجز لنا أبهى التحف العمرانية، والمعلم يبني الأساسات الحقيقية للنهضة التربوية والتعليمية، ولا نستطيع أن نهمل دور الجندي والشرطي في صناعة الأمن والسلم الوطني وحماية المقدرات الوطنية.
كل هذه الوظائف بلا استثناء لها مكانتها المهمة في صناعة المستقبل الواعد.
هذه العوامل الصغيرة في حقيقة الأمر هي مفاتيح النهضة الحقيقية المستقبلية، وهي سر الانطلاق الفعلي لتحريك عجلة التنمية الفعلية، فهذه الأجزاء الصغيرة التي لا نعيرها اهتماما في نظرنا القاصر، في الحقيقة تمثل نظرية العمق الاستراتيجي لأي مشروع نهضة، فهي تمثل مشروع استراتيجي مهم في صناعة النهضة، فمن الخطأ الكبير ألا نمنح هذه العوامل الصغيرة الاهتمام والرعاية المادية والمعنوية في مشاريع المؤسسات والشركات، إن إهمال هذه الثروة البشرية خسارة كبرى في ميزان مستقبل الأمة.
كما لا يخفى على الكثيرين مقدرة هذه الوظائف الصغيرة إدماج الكفاءات المهنية نصف الماهرة وغير الماهرة، أو حتى التي لم تكسب التدريب الكافي في التنمية المستدامة، فوجب أن تمنح فرصة كي لا نجنبها السقوط في البطالة التي أضرت كثيرا بمجتمعاتنا، يكفي أن نعرف ما تخفيه من الانحرافات المجتمعية.
إن إدماج هذه العوامل الصغيرة في سوق العمل تعطي فرصة للشباب امتلاك الخبرة المهنية، التي ظلت عائقا لهم في عالم التوظيف، فمعظم المؤسسات، تطلب في شروط الخدمة اكتساب الشباب الخبرة لكسب منصب العمل، وهو غير متاح للكثيرين.، كونهم لم يسبق لهم الخدمة سابقا بسبب شح مناصب التوظيف، لهذا وجب التفكير في آليات نمكن بها هذه الفئات رفع سقف التوظيف ومن خلاله تمكينهم كسب المهارات والخبرة.
إن استغلال المشاريع الصغيرة في التنمية المستدامة ضرورة بها تقلص نسبة البطالة، وهذا الدور جدير أن يمنح لمدارس التكوين والتمهين لتفعيل هذه المقاربة، كما تسهم الشركات الكبرى المساعدة لتأهيل الشباب ومنحهم فرص الاندماج، وبذلك تساهم في تحسين الإنتاجية وتوليد زيادة الدخل هذه الفئات الاجتماعية المهمة.
فمتى نعير اهتماما لكل العوامل المساهمة في بناء نهضة الدول والمجتمعات؟