حشاني زغيدي يكتب: في ذكرى إحياء اليوم العالمي للغة العربية
فِي أصْبُوحَةٍ ثَقَافِيَّةٍ رَائِعَةٍ حَضَرْنَاهَا بِمُنَاسَبَةِ اليوم العالمي للغة العربية، كَانَ اللِّقَاءُ فِي مَكَانٍ نَحِبُّهُ فِي بَيْتِ التَّرْبِيَةِ وَالتَّعْلِيمِ فِي مُؤَسَّسَةٍ أَخَذَتْ مِنْ اسْمِ عَالِمِ الْأَلْمَعِيِّ وشَيْخٍ جَمَعَ بَيْنَ الْعِلْمِ الشَّرْعِيِّ وَالتَّارِيخِ واللُّغَةِ وَعِلْمِ الْأَنْسَابِ فَعَرِفَتْ الْمُؤَسَّسَةُ بِاسْمِهِ فِي ثَانَوِيَّةِ الْعَلَّامَةِ عَبْدِ الْمَجِيدِ حُبَّه كَانَ اللِّقَاءُ الْجَمِيلُ .
كَمَا عَوَّدَتْنَا مُدِيرِيَّةُ الثَّقَافَةِ أَنَّهَا تَطُوفُ بِنَا فِي بَسَاتِينِ الْعِلْمِ وَ الثَّقَافَةِ وَالْفُنُونِ تَنْتَقِي لَنَا أَجْوَدَ الْبَاقَاتِ مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ فِي كُلِّ تَخَصُّصٍ، فَكَانَ مُؤَطَّرُ اللِّقَاءِ أُسْتَاذُ أَكَادِيمِيُّ بْن يَحْيَ مُحَمَّد أُسْتَاذٌ مِنْ جَامِعَةِ حَمَّه لِخُضْرٍ بِالْوَادِي، فَكَانَ حَقًّا اسْمًا عَلَى مُسَمًّى، شَعَرْنَا مَعَهُ بِأُنْسٍه وَظَرَافَةِ تَعَامُلهِ، يُرْسِلُ لَكَ مِنْ مُحَيَّاهُ الْاشِّرَاقَاتِ الْمُوَجَّهَةَ الَّتِي تَعَبُرُ ذَوْقَ الْأُسْتَاذِ الْخُلُقِيَّ .
لَعَلَّ الشَّيْءَ الَّذِي لَمْ نَتَعَوَّدْهُ فِي مِثْلِ هَذِهِ اللِّقَاءَاتِ الْأَكَادِيمِيَّةِ طَرِيقَةُ الْبَسْطِ وَالسَّرْدِ الَّتِي يَأْلَفُهَا لِلْكَثِيرِ، لَكِنَّ الظَّرِيفَ أَنَّ الْأُسْتَاذَ مُحَمَّدَ تَخَالُهُ أُسْتَاذًا نَشِطًا فِي قِسْمِهِ، يَبْسُطُ وَيُحَاوِرُ وَيَسْأَلُ، وَيَسْتَمِعُ كَأَنَّهُ يُدِيرُ حِصَّةً تَعْلِيمِيَّةً يُرَاعِي شُرُوطَهَا بِدِقَّةٍ وَإِتْقَانٍ وَهَذَا يُحْسَبُ لَهُ بِكُلِّ جَدَارَةٍ.
مَا لَمَسْتُهُ وَأَنَا أُتَابِعُ الْمُحَاضَرَةَ وظفت فُنُونَ التَّدْرِيسِ الَّتِي حَبَّذَا لَوْ أَخَذَ مِنْ تقنياتها الْأَسَاتِذَةُ الْيَوْمَ تَخْصِيصًا أَسَاتِذَةَ اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ كَيْ نُحَارِبَ الرِّدَاءَةَ وَدُنُوَّ الْمُسْتَوَى الْمَلْحُوظِ فِي أَوْسَاطِنَا مِنْ هَذِهِ التِّقْنِيَّاتِ وَالْمَهَارَاتِ:
اِمْتِلَاكَ سَلَامَةِ اللُّغَةِ فِي الْمُحَادَثَةِ وَالْكِتَابَةِ، فَالْخَيْرُ أَنْ تَجِدَ اللَّحْنَ وَالْخَطَأَ فِي التَّحْرِيرِ أَوْ الْخَطَابَةِ أَوْ الْمُحَاوَرَةِ وَهذَا عَيْبٌ لَا يُقْبَلُ مِنْ أُسْتَاذِ اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ تَحْدِيدًا وَمِنْ غَيْرِهِ أَيْضًا، وَهذَا الَّذِي لَمَسْتُهُ فِي اللِّقَاءِ أَنَّ لُغَةَ الْأُسْتَاذِ سَلِيمَةٌ سَلِسَةٌ مَأْلُوفَةٌ.
وَلَعَلَّ مِنْ التِّقْنِيَّاتِ الَّتِي وَظَّفَهَا الدُّكْتُورُ مَشْكُورًا التَّعْلِيمُ عَنْ طَرِيقِ الْمُبَادَرَةِ، فَكَانَ يُعْطِي وَيَأْخُذُ، كَانَ يُشَارِكُ الْحُضُورَ مِنْ الْأَسَاتِذَةِ وَالطُّلَّابِ الْأَفْكَارَ الْمَطْرُوحَةَ، فَتَرَاهُ يُعْطِي الْفُرْصَةَ لِلْمُتَعَلِّمِ أَنْ يَسْتَثْمِرَ مَعَارِفَهُ فَيَبْحَثُ عَنْهَا بِنَفْسِهِ، يُوَظَّفُ بِمَا يُعْرَفُ بِالتَّعَلُّمِ الذَّاتِيِّ، أَيْ أَنَّ الطَّالِبَ يَكْتَشِفُ الْمَعْلُومَةَ وَيُصَوِّبُهَا بِنَفْسِهِ، وَهَذَا أُسْلُوبٌ رَائِعٌ، يُبْعِدُنَا عَنْ أُسْلُوبِ الْحَشْوِ الْفَارِغِ .
وَمَا يحْسَبُ لِلدُّكْتُورِ فِي هَذَا الْمَقَامِ، مَوْسُوعِيَّتُهُ، فَكَانَ حَقًّا وَاسِعَ الثَّقَافَةِ يُجِيدُ الْاسْتِشْهَادَ مِنْ خِزَانَةِ الْعِلْمِ، يَطُوفُ بِكَ فِي حَدَائِقِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ وَالْأَشْعَارِ وَمَنْثُورِ الْأَدَبِ، فَتَشْعُرُ بِمُتْعَةِ التَّعَلُّمِ.
وَمَا زَادَ اللِّقَاءَ نَكْهَةً رَائِعَةً تِلْكَ الْمُرَافَقَةُ الرَّائِعَةُ لِلْأَكَادِيمِيِّ بِجَامِعَةِ مَنْتُورِي بِقَسَنْطِينَةَ الْأُسْتَاذِ عَبْدِ الْحَمِيدِ كَحِيحَه الَّتِي زَيَّنَ مِنَصَّةَ الْمُحَاضَرَةِ فَكَانَتْ مُشَارَكَتُهُ التَّعَاوُنِيَّةُ مُفِيدَةً سَاهَمَتْ فِي إِثْرَاءِ الْمُحَاضَرَةِ وَأَعْطَتْ لِلْمُحَاضَرَةِ حَقَّهَا فِي الْبُعْدِ التَّطْبِيقِيِّ.
مَا يَجِبُ تَأْكِيدُهُ إِنَّ اسْتِغْلَالَ مِثْلِ هَذِهِ الْمُنَاشِطِ الثَّقَافِيَّةِ تُتِيحُ الْفُرْصَةَ لِلْكُتَّابِ وَلِلطَّلَبَةِ مُمَارَسَةَ اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ الصَّحِيحَةِ فِي فَنِّ الْكِتَابَةِ أَوْ حَتَّى تَطْبِيقَهَا فِي سِجَالِ مَوَاقِفَ حَيَاتِيَّةٍ هَادِفَهٍ وَهِيَ كَثِيرَةٌ مَا نُشِيدُ بِهِ بِهِ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْمُنَاسَبَةِ انْفِتَاحُ الْمُؤَسَّسَاتِ التَّرْبَوِيَّةِ عَلَى عَالَمِ الثَّقَافَةِ وَالْجَامِعَةِ مِمَّا يُسْهِمُ فِي تَحْفِيزِ الطُّلَّابِ عَلَى وُلُوجِ عَالَمِ الْكِتَابَةِ وَمُمَارَسَةِ فُنُونِهَا فِي إِطَارِ النَّشَاطَاتِ اللَّاصَفِيَّةِ الَّتِي هِيَ حَقٌّ مُكْتَسَبٌ لِلطُّلَّابِ لَهُمْ الْحَقُّ الِاسْتِفَادَةُ مِنْهُ .