مقالات

د. أسامة الأشقر يكتب: هل انتصرنا حقّاً!

1- لم تنته الحرب حتى يقال إننا انتصرنا فيها، بل هي جولة كبيرة هائلة في سياقها، ولكن لا يصحّ نزع صفة النصر الغريب غير المألوف عنها، فهي جولة أسطورية جرت في ظروف مستحيلة، وفي بيئة منحطة سياسياً، ومنطقة مكشوفة ساقطة عسكريّاً وأمنيّاً استطاع فيها إبداع القتال الصفريّ بين الأنقاض والدمار المجنون، واستطاع فيها الشعب المنكوب أن يثبت في أرضه، ولم يتحرك خطوة خارج حدود وطنه بعد أن أدرك أنّه سيُهان في أرض غيره، ولاسيما من أنظمة أصرّت على خذلانهم.

2- هذا الشعب الذي تريدون حرمانه من صفة يستحقّها معنويّاً وعمليّاً بجدارة فائقة لم يَخرج برايةٍ بيضاء مجروراً بالسلاسل إلى سجن آخر أو ذلّ مستديم أو صفقة مهينة، بل إنه أرغم السجانين الكبار على فتح السجون مرة أخرى قهراً وجبراً، وخرج مرفوع الرأس تفاوضه الدول الكبار، رأساً برأس مع هذا الكيان المتكثِّف بحبال الإسناد الدوليّة.

3- هذا الشعب الآن أعطى لنفسه صفة القتال العنيد، وهي صفة سيكون لها ألف حساب لأنها شَحنت كل من حولها باليقين، وأن هؤلاء الأوغاد يمكننا أن نهزمهم، ألا ترون أننا كنا فئة صغيرة واجهنا كل هذا الهول المركّب المسنود بلا سند ولا عمق ولا ظهير قريب.

4- هذه الجولة اختصرت عقوداً عديدة من وضع جامدٍ كان يتحوّل إلى وضع مستديم لا يعطينا شيئاً، وقد منحتنا وسائلَ كثيرةً على كل صعيد، وأمدّتنا بأدوات لا تنتهي من الأدلة والوثائق والخيارات والفرص، ونحن الآن أمام ميدان جديد ومسار آخر ولغة جديدة ومعطيات مختلفة وحسابات متغيّرة.

5- جولة الطوفان الحقيقية ستبدأ في شقّ واديها مع سكون المعركة من حيث بدأت؛ وجغرافية التداعيات ستكون موجات لا مركزية تتغذّى من أرواح الطوفان وقِيمه المُلْهِمة، فأسرجوا خيولكم أيها التالون فإن الميدان ينادي حيث أنتم!

سمير زعقوق

كاتب صحفي وباحث في الشئون الآسيوية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights