لم يتعرض شعب من شعوب الربيع العربي لما تعرض له الشعب السوري، فقد ثار السوريون ثورة سلمية من أجل الحرية والعيش الكريم -بعد خمسين سنة من الطغيان السياسي والفساد والاستبداد-
فقاتلهم النظام العربي الوظيفي منذ 2011 ثم استعان بالنظام الإيراني الطائفي وميليشياته منذ 2012 ثم بالمحتل الأمريكي بالحملة الجوية منذ 2014 ثم بالمحتل الروسي منذ 2015 م!
ثم تعرض الشعب السوري لحصار دولي وإقليمي منذ 2017 وقتل وهجر منهم الملايين،
وحاولت الحملة الصليبية الأمريكية الأوربية فرض شروطها عليهم ليستسلموا ويعودوا لسلطة النظام الإجرامي!
فأبوا وآثروا الموت والجوع والفقر والهجرة على الذل والهوان،
وصبروا في المهجر على ضيق حال، وشظف عيش، وجرت عليهم سنن الاستضعاف، ثم سنن الاستخلاف،
وما زالوا يعدون العدة، ويستعدون لهذه اللحظة، ويربون صغارهم وشبابهم على روح الثورة، وقيم الحرية،
حتى إذا آذن الله بالفرج والنصر، ضرب قلوب أعدائهم ببعضها، وفرق صفهم، وشتت شملهم -كما فرق الأحزاب يوم الخندق-
وتحقق قوله تعالى للمؤمنين:
﴿عسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده﴾
فجاء الفتح بأمر من عند الله، على قدر رباني، فإذا حلب تهتف بأهلها، كما تهتف الأم الرؤوم بأولادها، فلبّوا نداءها، وجاءوا من كل حدب وصوب، وهم يرددون:
لَبِّثْ قَلِيلًا يُدْرِكِ الْهَيْجَا حَمَلْ
مَا أَحْسَنَ الْمَوْتَ إِذَا حَانَ الْأَجَلْ
فإذا هي تفتح أبوابها، وتضمهم بعد ثمان سنين من خروجهم منها، وعيونهم اليوم على أختها، فليس بعد حلب إلا دمشق حررها الله!
٢٧/ ٥/ ١٤٤٦هـ
٢٩/ ١١/ ٢٠٢٤م