د. حاكم المطيري يكتب: فلسطين.. القضية المخطوفة والبنادق المأجورة!
لم تعد شعوب الأمة تتفاعل مع قضية فلسطين والقدس كما يجب، وكما كانت عليه قبل الثورة المضادة للربيع العربي ٢٠١٣ الذي تسارع بعدها قطار التطبيع الرسمي العربي مع المحتل الصهيوني، وهي حقيقة مشاهدة، مما يؤكد خطورة ما آلت إليه هذه القضية المركزية في ظل عجز عربي وإسلامي كامل، وبعد أن كانت قضية فلسطين قضية أرض محتلة يغتصبها العدو الصهيوني؛ أصبحت إرادة شعبها أيضا مختطفة من الفصائل والبنادق المستأجرة للقوى الخارجية، وفقد الشعب الفلسطيني القيادة التاريخية التي تقوده نحو التحرير والاستقلال وتمثل إرادته والأمة من ورائه، لا إرادة القوى الإقليمية والدولية التي تستغل دماءه وعدالة قضيته كلما احتاجت للتفاوض على مصالحها!
ولعل أهم الأسباب التي أدت إلى ضعف التفاعل العربي الشعبي:
١- وجود ساحات صراع عربية لا تقل خطورة ومأساوية استنزفت طاقة الشعوب العربية كالثورة في سوريا والحرب في اليمن وليبيا والسودان بحيث انشغل كل شعبه ومن حوله بما هم فيه عن غيرهم وحاجتهم لوقوف الأمة معهم، وكان وقوف قوى المقاومة الفلسطينية على الحياد أو مع العدو الطائفي الإيراني كما في سوريا والعراق واليمن ولبنان، بل والانحياز إليه كحليف إستراتيجي سببا رئيسيا في خسارة تعاطف شعوب الأمة مع هذه القوى وعدم وجود قيادة بديلة تمثل الشعب الفلسطيني تنحاز إلى الأمة وقضاياها كما تنحاز الأمة إليها.
٢-ركود القضية الفلسطينية بعد قبول كل القوى فيها بما فيها حكومة حماس على الحل السلمي وفق القرارات الدولية؛ فلم يعد هناك أفق للتحرير تتفاعل معه الشعوب العربية، ولم تعد هناك حركة تحرر ملهمة بل تحولت الفصائل فيها لبنادق مستأجرة لإيران التي تعدها الشعوب العربية خطرا يهدد وجودها كالخطر الصهيوني.
٣-تحول عمليات المقاومة في فلسطين إلى أعمال موسمية احتجاجية تهدف فقط إما لشد الانتباه الدولي والعربي إلى القضية الفلسطينية لا إلى تحريرها أو لتحريك ملفات أخرى إقليمية كالملف النووي الإيراني.
٤- فقد القيادات الفلسطينية نفسها الأمل في تحرير فلسطين في ظل النظام الدولي الحالي، وهو شعور تصرح به هذه القيادات علانية ولا تخفيه تبريرا لعجزها عن القيام بهذه المهمة التاريخية، وهو ما أدى إلى عزوف الشعوب العربية عن الرهان عليها والنظر إليها كأي حكومة عربية وظيفية تراهن فقط على مضي الزمن في تصريف أعمالها.
٥- رهان القوى الفلسطينية في حل القضية على المحتل الأمريكي الأوربي الروسي، واعتبار الحملة الصليبية نفسها التي تحتل المنطقة منذ الحرب العالمية الأولى حتى اليوم هي الضامن لعملية السلام كما تصرح به قيادات حماس في مناشداتها لأمريكا وروسيا لإلزام المحتل الصهيوني بالقرارات الدولية!
٦- الانغلاق في المشهد الفلسطيني الداخلي بالصراع بين حماس وعباس الذي استمر نحو عشرين سنة ووصول القوى الفلسطينية إلى حالة موت سريري يستدعي ظهور قوى جديدة تعبر عن الشعب الفلسطيني المخطوف والمحاصر بين خندق المحتل الصهيوني وخنادق البنادق المأجورة!