د. حلمي الفقي يكتب: الإسلام هو الحب
الحب في الإسلام هو أن تحب الله ورسوله ودينه وتحب الخير للناس أجمعين.
فالمسلم يحب الخير للناس جميعا ويكره لهم الضر، ويفرح إذا أصاب أخاه خيرا ويحزن إذا نزل به به شر، ولاحظ أنى أقول المسلم يحب الخير للناس ويكره الشر لهم.
وأقول للناس جميعا وليس للمسلمين فقط، وهذا ما سنبينه ونوضحه من خلال هذه النصوص المقدسة.
فعن أنس رضي الله عنه، أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم «متى الساعة؟»
قال: «وماذا أعددت لها»
قال لا شيء إلا أنى أحب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.
فقال: «أنت مع من أحببت».
قال أنس فما فرحنا بشيء فرحنا بقول النبي صلى الله عليه وسلم «أنت مع من أحببت».
وعن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «أتدرون أي عرى الإسلام أوثق؟ قلنا: الصلاة؛ قال: «الصلاة حسنة وليس بذاك» قلنا الصيام؛ فقال مثل ذلك حتى ذكرنا الجهاد فقال مثل ذلك.
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله».
وعن أبي ذر الغفاري قال خرج إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «أتدرون أي الأعمال أحب إلي الله؟
قال قائل: الصلاة والزكاة
وقال قائل: الجهاد
فقال صلى الله عليه وسلم: «إن أحب الأعمال إلى الله الحب في الله والبغض في الله».
وأكثر من ذلك كله فقد رفع الله عزّ وجل المتحابين في الله إلى أعلى منزلة وأرفع درجة وهي المنزلة التي يغبطهم عليها الأنبياء والشهداء ففي الحديث القدسي الصحيح عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول قال الله عز وجل: «المتحابون في جلالي لهم منابر من نور يغبطهم النبيون والشهداء».
وفي الحديث الصحيح أيضا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا ألا أدلكم على أمر إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم».
فالإسلام يحرص أشد الحرص على تنمية مشاعر الحب في القلوب ورعاية بذوره في النفوس فما أهلك الأمم كالبغضاء وما ارتقي بها كالحب.
ولكن هل المسلم يحب أخيه المسلم فقط ولا يحب غير المسلم؟
الحقيقة أن المسلم يحب المسلم وغير المسلم كما في الحديث الصحيح عن أنس رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه».
الأخوة التي يريدها الإسلام والتي يرشدنا إليها الحديث هي إخوة الإنسانية فالإسلام يعتبر البشر جميعا إخوة في الإنسانية مسلمهم وكافرهم، قال تعالى في سورة الحجرات: {يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا}
فتنوع الحضارات واختلاف الثقافات عند المسلمين للتعاون والتكافل والتعاضد وليس للتصادم والتقاتل كما هو عند غير المسلمين فعلى المسلم أن يحب الخير للإنسانية كلها مسلمها وكافرها.
جاء في (منار القاري شرح مختصر صحيح البخاري) عند شرح هذا الحديث: «المراد بقوله» حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه «عموم الإخوة حتى يشمل الكافر والمسلم فيحب لأخيه الكافر ما يحب لنفسه من الدخول في الإسلام، ولذلك ندب الدعاء له بالهداية وقد كان صلى الله عليه وسلم يدعو لكفار قريش بالخير ويحبه لهم ويقول: «اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون».
وما يؤكد أن المراد محبة الخير للناس جميعا لا فرق بين مسلم وكافر قوله صلى الله عليه وسلم: «أفضل الإيمان أن تحب للناس ما تحب لنفسك وتكره لهم ما تكره لنفسك»
وممن قال بهذا شيخ الإسلام محيي الدين النووي وابن العماد الحنبلي.
د. حلمي الفقي
أستاذ الفقه المساعد بجامعة الأزهر