د. صالح الرقب يكتب: حكم موالاة اليهود والاعتراف بكيانهم
إنَّ أرض فلسطين جلبت بدماء الصحابة والتابعين وغيرهم من جنود المسلمين وقوادهم وعظمائهم ممن استشهدوا فيها، وكل قطرة دم زكيه سالت على هذه الأرض تشهد بإسلاميتها، ولقد اختار رسول الله صلى الله عليه وسلم أرض الشام والأرض المقدسة ملاذاً وموئلاً آمناً للمسلمين إذا تعرضوا للفتن، قال عليه الصلاة والسلام:
«بينا أنا نائم إذ رأيت عمود الكتاب احتمل من تحت رأسي، فظننت إنَّه مذهوب به، فأتبعته بصري، فعمد به إلى الشام، ألا وإنَّ الإيمان حيت تقع الفتن بالشام»،
وأخبر الصادق المصدوق:
إنَّ طائفة من أمته لا تزال تقاتل أعداء الله تعالى على أبواب بيت المقدس، وأنها ظاهرة على الحق إلى أن تقوم الساعة، وهذه الفئة المسلمة هي من أبناء فلسطين المخلصين الذين يبقون في رباط في سبيل الله تعالى حتى قيام الساعة.
إن هذا الصنيع – موالاة اليهود- فيه معاونة لأعداء الله المحتلين لأرض المسلمين وهذا من:
«الردّة الجامحة، والكفر الصّراح، لا يقبل فيه اعتذار، ولا ينفع معه تأول، ولا ينجي من حكمه عصبية حمقاء، ولا سياسة خرقاء، ولا مجاملة هي النفاق، سواء أكان ذلك من أفراد أو حكومات أو زعماء».
فالعلامة الشيخ المحقق أحمد شاكر رحمه الله في كتابه (كلمة الحق) ذكر هذا الحكم الشرعي فيمن عاون المحتل بأي نوع من المعاونة قل أو كثر، فكيف فيمن عاونهم في تحقيق حلمهم وباطلهم، وتحقيق خرافاتهم التوراتية في أرض فلسطين المسلمة.
ومن المعلوم أنَّ من أعان يهود على تحقيق باطلهم وما يترتب عليه من دحض وإبطال حقوق مئات بل آلاف الملايين المسلمين، فقد بريء منه الله ورسوله والمؤمنون،
فقد صحّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
«من أعان ظالماً بباطل ليدحض بباطله حقاً، فقد برئ من ذمة الله تعالى وذمة رسوله».
أخرجه الطبراني، السلسلة الصحيحة:1020.
إن هذا الفعل يعد من أخطر صور ومظاهر موالاة الكافر وإعانته على المسلم، فكيف بمن يظاهرهم على كل المسلمين من الأنبياء والصحابة والتابعين وتابعيهم إلى يوم الدين، لأن أرض فلسطين لهؤلاء أجمعين، يقول الله تعالى:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)
المائدة:51،
فقوله تعالى:(فإنَّه منهم) يدل على أنه قد خرج بذلك من الإيمان إلى الكفر، وهو نص صريح في ذلك كما ذهب إليه جمع من المفسرين.
وإذا كان الاعتراف بيهودية دولة الكيان مطلبا يهوديا وأمريكيا فإن الاستجابة له يعني طاعتهم فيما يأمرون ويشيرون به، ومساعدتهم في تنفيذ مخططاتهم وإقرار باطلهم، قال تعالى:
(وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا)
سورة الكهف: 28.
وقال:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوَاْ إِن تُطِيعُواْ الَّذِينَ كَفَرُواْ يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنقَلِبُواْ خَاسِرِينَ)
سورة آل عمران:149.
وقال:
(وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَآئِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ)
سورة الأنعام: 121،
قال ابن كثير في تفسير هذه الآية:(أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ) حيث عدلتم عن أمر الله لكم وشرعه إلى قول غيره، فقدمتم عليه غيره فهذا هو الشرك، كما قال تعالى:
(اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ)
سورة التوبة:31.
والأصل ترك اتباع أهوائهم لقول الله تعالى:
(وَلَن تَرْضَىٰ عَنكَ ٱلْيَهُودُ وَلاَ ٱلنَّصَـٰرَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى ٱللَّهِ هُوَ ٱلْهُدَىٰ وَلَئِنِ ٱتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ ٱلَّذِي جَاءكَ مِنَ ٱلْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ ٱللَّهِ مِن وَلِيّ وَلاَ نَصِيرٍ)
البقرة:120.