مقالات

د. عبد العزيز كامل يكتب: صمت الشعوب الصادم.. (٣)

من ظن أن إجماع طواغيت العصر على التنكيل بساكني الأرض المقدسة في هذه المرحلة ليس وراءه إلا الانتقام من تبعات طوفان الأقصى.. فليراجع معلوماته عن أسباب مجيء اليهود أصلا لفلسطين بدفع من الصليبيين..

فكما هو معلوم؛ فإن الشروط الثلاثة التي اشترطها التوراتيون لمجيء مسيحهم المنتظر؛ والتي حولها السياسيون من خرافات خيالية إلى استراتيجيات واقعية؛ هذه الشروط لم يحقق المغضوب عليهم مع الضالين منها إلا شرطين اثنين بعد حربين كبيرتين، فالشرط الأول وهو أن يكون لليهود دولة؛ حققوه في حرب عام ١٩٤٨ التي عرفت بحرب النكبة، و الشرط الثاني وهو أن تكون القدس عاصمتها؛ تحقق في حرب عام ١٩٦٧ التي سميت بحرب النكسة، وكان لابد – بحسب اعتقادهم – من حرب ثالثة أكبر لتحقيق الشرط الثالث الأخطر؛ وهو إعادة بناء الهيكل على أنقاض الأقصى.

فاستكمال معالم مشروعهم لن يتم في اعتقادهم إلا باستعادة قبلتهم التي كانوا عليها، ولو كان ذلك بحرب إقليمية أو عالمية، تفتعل وسط أدخنتها الكثيفة أحداث يغطي ضجيجها الضخم على التمهيد لأخطر أحداث العصر!

 ومن تأمل في مجريات الحرب المعلنة منذ أكثر من عقدين تحت مسمى (الحرب العالمية على « الإر.هاب) سيدرك أنها دبرت لتهيئة ساحات المسلمين بوجه عام نحو إحباط وعجز تام، وقد كان تخطيطها كما هو معلوم؛ من تدبير عصابة (المحافظين اليهود الجدد) الذين غلبوا على إدارة (جورج بوش الابن)

وقد رأى المتآمرون أن تنفيذ الشرط الثالث المذكور، لن يقود الأمة في مواجهته إلا الإسلاميون، رغم ضعفهم أو استضعافهم، لذلك كان لزاما شن تلك (الحرب الطويلة) ضدهم بكل اتجاهاتهم في أنحاء العالم، بحيث تعتمد لهذه الحرب استراتيجية (الصدمة والترويع) التي قصدت بها الشعوب قبل الكيانات والجماعات منذ البدايات، وهو ما حدث في التنكيل بالشعب الأفغاني خلال غزو أفغانستان عام ٢٠٠١، ثم الشعب العراقي عام ٢٠٠٣، ثم تكررت حروب الإبادة الجماعية بعد ٢٠١١ خلال الثورات العربية في مدن سورية وعراقية وليبية كحلب والرقة والأنبار ودرنة والموصل وتكريت والباغوز وغيرها..

ولإعطاء استراتيجية (الصدمة والترويع) بعدا عالميا حقيقيا؛ شكلت أمريكا وقتها تحالفا دوليا ضم ثمانين دولة، كثير منها توصف بأنها عربية أو إسلامية!

 وقد ساهمت حرب بوش التي استكملها أوباما ومن بعده في تهيئة أوضاع الشعوب لما هو حاصل اليوم، حيث يدل تسارع الأحداث وتسلسلها على أن القوم عجلون في شأن الشروع في تنفيذ شرطهم الثالث المتعلق بالهيكل الثالث في الثلث الأول من القرن الحادي والعشرين على أقل تقدير..

لكن الله على كل شيء قدير، وهو بالإجابة جدير لكل من دعا بدعاء الرسول صلى الله عليه وسلم.

(رَبِّنا أعِنِّا ولا تُعِنْ عليَّنا، وانصُرْنا ولا تنصُرْ عليَّنا، وامكُرْ لنا ولا تمكُرْ عليَّنا، واهْدِنا ويَسِّرْ الهُدى إليَّنا، وانصُرْنا على من بغى عليَّنا).

د. عبد العزيز كامل

‏دكتوراة في أصول الدين‏ في ‏جامعة الأزهر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى