مقالات

د. علي الصلابي يكتب: دروس وعبر من أصحاب الفيل

1 – بيان شرف الكعبة أوَّل بيتٍ وُضع للنَّاس،

وكيف أنَّ مشركي العرب كانوا يعظِّمونه، ويقدِّسونه، ولا يقدِّمون عليه شيئاً. وتعود هذه المنزلة إلى بقايا ديانة إبراهيم، وإسماعيل، عليهما الصَّلاة والسَّلام.

2 – حسد النَّصارى، وحقدهم على مكَّة،

وعلى العرب الَّذين يعظِّمون هذا البيت، ولذلك أراد أبرهة أن يصرف العرب عن تعظيم بيت الله ببناء كنيسة القُلَّيْس، وعلى الرَّغم من استعماله أساليب التَّرغيب، والتَّرهيب إلا أنَّ العرب امتنعوا، ووصل الأمر إلى مداه بأن أحدث في كنيسة القُلَّيْسِ أحدُ الأعراب، قال الرَّازي – رحمه الله تعالى! – في قوله تعالى:: اعلم أنَّ الكيد هو إرادة مضرَّةٍ بالغير على الخفية. (إن قيل): لِمَ سمَّاه ﴿أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ﴾، وأمره كان ظاهراً؟ فإنَّه كان يُصرِّح أن يهدم البيت. (قلنا): نعم؛ لكن الذي كان في قلبه شرّاً ممَّا أظهر؛ لأنَّه كان يضمر الحسد للعرب، وكان يريد صرف الشَّرف الحاصل لهم بسبب الكعبة عنهم، وعن بلدهم إلى نفسه، وإلى بلدته.

3 – التَّضحية في سبيل المقدَّسات:

قام ملكٌ من ملوك حِميرَ في وجه جيش أبرهة، ووقع الملك أسيراً، وقام النُّفَيْلُ ابن حبيبٍ الخثعميُّ ومن اجتمع معه من قبائل اليمن، فقاتلوا أبرهة، إلا أنَّهم انهزموا أمام الجيش الْعَرَمْرَم، وبذلوا دماءهم دفاعاً عن مقدَّساتهم.

إنَّ الدِّفاع عن المقدَّسات والتَّضحية في سبيلها، شيءٌ غريزيٌّ في فطرة الإنسان.

4 – خَوَنة الأمَّة مخذولون:

فهؤلاء العملاء الذين تعاونوا مع أبرهة، وصاروا عيوناً له، وجواسيس، وأرشدوه إلى بيت الله العتيق؛ ليهدمه لعنوا في الدُّنيا والآخرة، لعنهم النَّاس، ولعنهم الله – سبحانه وتعالى – وأصبح قبر أبي رِغال رمزاً للخيانة والعمالة، وصار ذاك الرَّجل مبغوضاً في قلوب النَّاس، وكلَّما مرَّ أحد على قبره؛ رجمه.

5 – حقيقة المعركة بين الله وأعدائه:

في قول عبد المطلب زعيم مكَّة: «سنخلِّي بينه وبين البيت؛ فإن خلَّى الله بينه وبينه؛ فو الله ما لنا به قوَّةٌ» وهذا تقريرٌ دقيقٌ لحقيقة المعركة بين الله وأعدائه، فمهما كانت قوَّة العدوِّ وحشوده؛ فإنَّها لا تستطيع الوقوف لحظةً واحدةً أمام قدرة الله وبطشه، ونِقْمته؛ فهو سبحانه واهب الحياة، وسالبُها في أيِّ وقتٍ شاء.

قال القاسميُّ – رحمه الله! -: قال القاشانيُّ – رحمه الله ! – قصَّة أصحاب الفيل مشهورةٌ، وواقعتهم قريبة من عهد الرَّسول صلى الله عليه وسلم، وهي إحدى آيات قدرة الله، وأثرٌ من سخطه على مَنِ اجترأ عليه بهتك حُرَمِهِ.

6 – تعظيم النَّاس للبيت، وأهله:

ازداد تعظيم العرب لبيت الله الحرام، الَّذي تكفَّل بحفظه، وحمايته من عبث المفسدين، وكيد الكائدين، وأعظمت العرب قريشاً، وقالوا: هم أهل الله، قاتل الله عنهم، وكفاهم العدوَّ، وكان ذلك آيةً من الله تعالى، ومقدِّمةً لبعثة نبيٍّ يبعث من مكَّة، ويطهِّر الكعبة من الأوثان، ويعيد لها ما كان لها من رفعةٍ، وشأن.

د. علي الصلابي

مؤرخ وفقيه ومفكر سياسي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى