أقلام حرة

د. ليلى حمدان تكتب: الإسلام دين الإعداد والقوة والتأهب

قال الله جل جلاله مخاطبا المسلم: (فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ).

وقال مخاطبا المسلمين (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ).

وقال جل في علاه (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ).

وقال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انفِرُوا جَمِيعًا).

وقال سبحانه (وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ).

إن القرآن العظيم يوجه المسلمين، كل المسلمين! إلى إعداد النفس للجهاد والاستعداد النفسي للقتال ومواجهة الأخطار والشهادة في سبيل الله تعالى.

وقد حمل هذا الهدي السلف الصالح، الذين نجد في سيرهم الجمع بين العلم والإعداد، فلا تجد صحابيا إلا وهو عالم بدينه ومجاهد في سبيل الله، مستعدا للنفير في أي وقت يستنفرهم النبي صلى الله عليه وسلم، قد تمرسوا فنون القتال والمواجهة.

فأخضعوا أعتى الأعداء والإمبراطوريات!

إن امتلاك المعرفة الحربية والإعداد العسكري، كان من التربية التي ينشأ عليه الفتيان منذ صغرهم، لأنهم نواة جيش المسلمين الذي يتكون من كل المسلمين، للجهاد بأنفسهم وأموالهم، وسد الثغور ووظائف الجهاد المتصلة، بحسب استطاعتهم، حتى في حالة “أولي الضرر”.

الإسلام يبني أمة قوية، ونفوسا عالية المطالب، مستعدة لمقارعة أعدائها في أي وقت وأي حال، لا تنتظر أن يحل الخطب بل تكون متأهبة مسبقا له. لا تتفاجأ بل تفاجئ أعداءها!

وأكثر النفوس استعدادا هي نفوس أهل العلم، فلا يليق بأهل العلم أن يتخلفوا عن ميادين الإعداد والاستعداد النفسي والبدني والمعرفي بفنون القتال والحروب والصراعات، لأن الصراع تطول فصوله ولا يعلم المرء متى لحظة الاستعمال.

وكم فتك فينا تضييع هذا الفهم لآيات الله تعالى، حتى ركن المسلمون للترف والدعة، وأصبح مجرد إطلاق رصاصة، يفجعهم ويرعبهم! بينما على بعد مسافة قصيرة، يفرض اليهود التجنيد الإجباري على كل الشعب، بكل مكوناته رجالا ونساء ويربون عليه أطفالهم، فيتعلم الجميع حمل السلاح والتعامل معه فأظهروا القدرة على حشد شعبهم في وقت قياسي، الكل يخرج من مكتبه ومصنعه وعيادته ومحكمته ليدافع عن حلمهم وأمانيهم التي تقوم على سفك دمائنا!

وحتى الفرق الضالة التي تحصنت بالإعداد والاستعداد للتضحية لأجل مشاريعها بغض النظر عن صلاحيتها أو فسادها قد استوعبت أهمية هذا الأمر. وما بلغت إيران ما بلغته إلا بروح الإعداد والجمع.

لابد أن نعيد الهيبة للقوة في مشاهد المسلمين ومشاريعهم، ونكسر عادة الكسل والتسويف والاطمئنان والتخطيط للترف والقعود!

فاحقنوا العقول والهمم بعلو الهمة والاستعلاء بالإيمان ونماذج الاقتداء بالسلف الصالح، والتأهب لما هو آت.

لا نريد صناعة الجبناء ولا ركونا للدنيا أحمقا، فلن يحييها إلا المسابقون لميادين البذل والإعداد. ولمثل هذا الهدف فلتجتمع القلوب وتتواصى.

فعند الأفق ملاحم تقترب، ومن لم يعد نفسه لها، لا بواكي عليه حين تدوسه حوافر خيل الكافرين.

أنت مسلم! فأنت القوي المستعد المجاهد.

والله من وراء القصد.

د. ليلى حمدان

كاتبة وباحثة في قضايا الأمة الإسلامية وصناعة الوعي والهمة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights