مقالات

د. ليلى حمدان تكتب: لا تصنعوا اليأس في قلوب الناس

د. ليلى حمدان تكتب: لا تصنعوا اليأس في قلوب الناس

قلنا: في ضعفه خير، ستتنفس سوريا ولبنان والعراق، وسيكون هناك انفراجة لأهل السنة تسمح لهم بالبناء لما هو آت.

هؤلاء هم الأمل لقضية فلسطين، أبناء الدول المحتلة من الهلال الرافضي! وليس محور المقاومة الرافضي.

فلا تصنعوا اليأس في قلوب الناس ولا تعلقوهم بأستار إيران وكأنه لا مخرج سواها، ولا تقتلوا روح الانبعاث في داخلها،

والأهم من ذلك يكفي رجاء من التعامل مع المسلمين على أنهم مجرد متفرجين ليس لديهم سوى الحزن والفرح والتفاعل العاطفي، ونتقاتل نحن على الحكم على مشاعر الحزن والفرح لشدة الترف الفكري الذي نعيشه،

يكفي من معاملة الناس بمنطق المشاهد وعقلية المتفرج أو القاضي، لننظر لهم كمشروع ينتظر الأسباب لينطلق، وليعرف كل موقعه! بدل انتظار محور رافضي أو محور صهيوني يحسم المسألة!

ولو ذهبنا إلى حد أحلامكم الوردية، وافترضنا جدلا أن الرافضة هزموا الاحتلال وكسروه، ستكون السيادة لهم في المنطقة،

فمن أين سنأتي بقوة انبعاث تتخلص منهم؟

وسيناريو سوريا والعراق واليمن يتكرر أماما أعيننا بطائفية خبيثة مقيتة تتفنن في تسطير المجازر تماما بل أشنع من التي سطرها اليهود،

من أين لنا بفرصة أخرى لانبعاث مشروع سني مستقل؟

وإن كان حقا التعويل على أن يهزم المحور الإيراني الاحتلال حلم بعيد المنال!

تبقى القضية هي أن الاختلاف بين القراءتين لما يمكن أن يؤول له المشهد:

الاختلاف يقع تحديدا في درجة الثقة في وجود روح مقاومة بين المسلمين في هذه المنطقة قادرة على اقتلاع المشروع الصهيوني!

فنحن نرى أنه يتفق مع الخلفية التاريخية والعقدية والواقعية والمستقبلية للمنطقة، ونرى أن الأسباب تتهيأ لوجوب قيام المشروع السني رغم أنف الجميع.

ولكن حتى يقوم يجب أن يتحرر من حصار الرافضة له. الذين جعلهم الحلف الصهيوصليبي تحديدا في المنطقة لمنع قيامه.

ويبدو أن الطرف المعول باستماتة على إيران، فاقد الثقة تماما في إمكانية إيجاد مشروع سني ولذلك يضع جميع رهاناته في المحور الإيراني…!

للتنبيه، هذه قراءة، وتحليل لمحاولة فهم أين يذهب الاختلاف ولكسر التبعية المذلة والتفكير المحدود عند تناول قضية غزة وفلسطين. ولتبيان أن هناك فرصة في ما يحدث، ولا يعني ذلك تمني أن ينتصر اليهود أو ينتصر الرافضة أو أي ظالم كان، بل يعني أن نعد أنفسنا لأي احتمال كان لصالح مشروع سني مستقل يجب أن يخرج من تحت الرماد، فهو يستعر!

هذا هو الحل الوحيد لقضايا المنطقة برمتها، الحل الدائم والجذري، للاجئين في خيم سوريا الباردة والجوعى في قطاع غزة المنكوب، والمترقبين صواريخ الغدر والطغيان في لبنان، ولأهل العراق الذين ذبحوا بصمت ونسيهم العالم، ولأبناء اليمن الذين يخشون التلميح فكيف بالتصريح! ولكل مسلم حر يحترق شوقا لكسر أغلال الحكم الجبري.

وهذا من صميم الإعداد كما أمرنا الله تعالى.. سبحانه يدبر الأمور بمشيئته، رضينا بكل ما قضاه ودبره. له الحكم والفصل هو الخبير بعباده جل جلاله لا يظلم أحدا!.

في الختام حسم هذه المسألة في الواقع سهل! إن تحدث الجميع بلغة العقل والصدق والأمانة وتخلصوا من سطوة الهوى والتردد، وبما أنكم ترونها مساحة اختلاف، فليسع كل مجتهد اجتهاده ولكن لا تصنعوا التعايش مع الذلة والتبعية في قلوب الأجيال، احفظوا شرفا للخصومة فالزمن يدور ولا يبقى حال على ما هو، وسنن الله في الأرض ماضية ترسم مسار هذه الأمة، طوعا أو كرها.

وأستحضر في هذا المقام ما كتبه ابن القيم رحمه الله حين قال: “الدنيا مضمار سباق وقد انعقد الغبار وخفي السابق والناس في المضمار بين فارس وراجل وأصحاب حمر مُعقرة، سوف ترى إذا انجلى الغبار أفرس تحتك أم حمار”.

ولمن تفرس فيها علم أن النهايات هي الفيصل في كل صراع.

ولا طائل من تشويش الغبار.

(عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ * وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ)

د. ليلى حمدان

كاتبة وباحثة في قضايا الأمة الإسلامية وصناعة الوعي والهمة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى