لقد شاهدنا جميعا معركة التصدي لفتنة الرافضة، والتي اجتمع فيها بدون أدنى تنسيق أو اتفاق شخصيات كثيرة تحمل غيرة على الدين والحقوق، من مختلف الجنسيات والخلفيات، لما رأوه من استهانة بخطر العدو الرافضي. وهي استهانة واضحة الملامح وخطيرة العواقب، وموجبة لحفظ حقوق المستضعفين من أهل السنة الذين يتعرضون إلى اللحظة للاضطهاد والقتل على يد الحلف الرافضي.
وشاهدنا جميعا كيف أن تصدير خطاب مضطرب وضعيف غير محصن ضد هذه الفتنة الخطيرة، بحجة الامتنان لمحور إيران ونصرة فلسطين، هو سبب اشتعال هذه المعركة وإنكار الضمائر الحية -التي تحمل مسؤولية الكلمة على المنابر- فتنة المسلمين وتضليلهم وتقديم وعي مشوه لهم، وهو بمثابة خنجر مسموم بمفعول طويل، في خاصرة الأمة،
وأغلب من استهجن التصدي لفتنة الرافضة هم أصحاب الخطاب المضطرب نفسه الذي يتقلب بين إمساك العصا من المنتصف وبين الضبابية والهشاشة في الطرح والعاطفة التي تجعل كل ما يحدث في سبيل فلسطين صك تزكية لا يقبل التحذير أو التفصيل.
وموادهم متوفرة ومنتشرة ولا يمكنهم تبديلها أو تزويرها فقد اطلع عليها كل شاهد على ما يجري.
وجعلوا لأنفسهم الحق المطلق ولكل من خالفهم الخيانة والحقارة والاصطفاف في معسكر الكافرين!
والمتأمل في ردود المعترضين على بناة هذا الجدار الذي اشتد للتصدي لفتنة الرافضة، يجدهم يتواصون بمنهجية رد واحد تضمنت:
– التعبير الإنشائي الطويل الذي يطيل العبارات بتكرار مصطلحات فضفاضة وبتدليس يخذل معالم الحق ويهون من مطالب من ينكرون عليهم، ويخفون نصف الحقيقة ويتسترون بحجة واجبات المرحلة وطي ما مضى. وهو خطاب ضبابي وفي الوقت نفسه مدلس. لا تكاد تخرج منه بفائدة واحدة!
– الوقاحة وقلة الأدب واحتقار الطرف المخالف، والنظر إليه من برج عاجي، ووصمه بالتخلف وقلة الفهم وعدم النضج مع أن الانتقاد يدور على عبارات شديدة الوضوح ونصوص وصور لا يختلف في تقييمها العامة فكيف بأهل العلم، ومع ذلك أغلب الردود هي من جنس الشتم والتحقير والتعيير وإسقاط مقامات الرجال أيا كانت مرتبتهم أو جهودهم أو سيرهم في نصرة فلسطين (التي من المفترض تبيض صفحتهم على حد تعبيرهم). بل يعايرون الناس بسوء فهمهم زعموا لما يعرضونه من افكار قاصرة ومنتقدة!
– الالتفاف على مآخذ المعترضين والهروب من أصل المسألة الخلافية والاستفاضة في كل ما لا يتعلق بها بشكل مباشر وهذا تضليل فاشل ومهين. والكثير من التشويش على أسباب الخلاف الحقيقية.
– الاتهام بالخيانة والاتباع لجهات أمنية وتصنيف المدخلية واعتبار أغلب إن لم يكن كل من نصح وانتقد من العملاء والمرتزقة! مع أنه لا نرى بالمقابل دليلا واحدا مقنعا يقدر على رد انتقاد واحد بشأن هشاشة الخطاب المتصدر الملمع للرافضة. ولا ننكر وجود مرتزقة يستفيدون من الطرفين المختلفين ولكن الإطلاقات الفجّة والتدليس على الحقيقة والفجور عيب ومنقصة!
– الاستخفاف بعقول المتابعين والدفاع الضعيف عن المواقف المضطربة، بتزكية النفوس وذكر رصيدها وسيرها دون مراعاة لمسؤولية الكلمة والتنازل لحقيقة أن القصور في تناول القضايا المصيرية في هذه الأمة مجلبة للاعتراض والنقد، فمن أراد أن يتفادى الإنكار والتصحيح، فليحكم عباراته وليحصن خطاباته ولا يحمل الناس تقصيره بتزكية نفسه. لا مشكلة أبدا من الاعتراف بالخطأ أو التقصير!
وما نلاحظة من تفشي لغة التخوين والتحقير هو حقيقة من مخلفات العيش تحت سطوة الهيمنة، والبعد عن التربية الإيمانية التي تنطلق فيها الكلمات من موقع الخشية من الله تعالى في القلوب.
ولذلك، نصيحة لمن يخون ويحقر الردود الدفاعية دون أدنى تحمل لأخطائه، أو محاولة لإحداث توازن وتصحيح ليستوعب الحق والعدل، أو مراجعة أسلوبه وطريقته والتراجع عن زلات أو هفوات كما يحبون وصفها، فهذه مسؤولية كل من يقف على منبر ويخاطب الجماهير.
– ليس كل من خالفك عميل أو مرتزق، أو أحمق وجاهل، بل أكثر من يتصدون اليوم لتداعيات الخطاب الهش المضطرب الضبابي، هم من الأحرار الذي يحملون هم هذه الأمة ويسعون لعزتها ونصرة الإسلام والمسلمين في كل أرض وليس في فلسطين لوحدها. بل أكثرهم من ضحايا الطغيان الرافضي الذي تخفون حقيقته بخطابكم المضطرب.
– إن قلة الأدب واحتقار من يخالفك لا يدل على سبقك أو انتصارك بل يدل على بضاعتك المزجاة وسوء مقصدك، قال ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى(4/ 186): “فإن الرد بمجرد الشتم والتهويل لا يعجز عنه أحد. والإنسان لو أنه يناظر المشركين وأهل الكتاب: لكان عليه أن يذكر من الحجة ما يبين به الحق الذي معه والباطل الذي معهم”.
– إن الفروسية في ميادين المراغمة لنصرة الحق، تتطلب التواضع للحق وخفض الجناح للناصح الامين لا الاستكبار والاستعلاء وقلة الأدب، فإن الخصومات تكشف معادن الرجال ومن وسعه الحلم مع الرافضة يجب عليه الحلم مع أهل السنة. وأما الهمز واللمز والفجور في الخصومة فتضر صاحبه لا ترفعه. والتاريخ سجل لا يرحم أحدا ظلم!
– احفظوا شرف الخصومات واتركوا مساحة يحسمها القادم، وخط رجعة يحفظ لكم ماء وجوهكم، فلا تعلمون ما في الغيب! وقد تكون نصيحة تحتقرونها اليوم حبل نجاتكم غدا، فلا تهملوا النصيحة بل من حسن الدين والخلق قبولها والاعتبار بها وإعطاؤها مساحتها وقد فعل ذلك كبار الصحابة رضي الله عنهم فعلام ترفضون التنازل أو القبول للنصيحة وتعتبرونها دقا لطبول الحرب؟
– إن التعصب للجماعات والرموز يكشف ضعفا في البناء الفكري كله والمنهجية، وفي التربية الإيمانية والخلقية وهو دلالة تعالم وتمكن للجاهلية في النفوس، فنعيذيكم بالله من الولاء للأسماء على حساب الحق وال
عدل والتعصب لفئة أو اسم على حساب الإنصاف والمروءة.
– هذه الدنيا زائلة وكلها أيام ونلقى الله عز وجل، وكلّ يلقى ربه بما قدم، فحذاري من أن تكون المرجعية الانتصار للنفوس! بل لتكن خالصة لله تعالى وهذا لا يمنع التأدب بأدب الخلاف في مواقف الاصطدام.
– إن الخلاف كله مهما بلغ واشتد ليس على شيء يختلف فيه الناس، بل على ثوابت وأمور واضحة في دين الله تعالى، فلا تجعلوا الرافضة المحاربين للأمة المسلمة أبطالا وشهداء لمجرد تصادم مصالحهم مع الصهاينة وتضحيتهم بدمائهم في سبيل مشروعهم تحت ولاية الفقيه ولا تجعلوا من خلافات الرافضة أنفهسم منّة على الذين آمنوا، فوالله هذه المنة التي تحملوننا إياها، لا يمكنها أن تمسح جرائمهم الهائلة في سوريا والعراق واليمن، إن كنت تدركون!
– أقل ما ينتظر منكم بعض الأدب في الرد على من يخالفكم والكف عن الطعن في الدين والقدرات العقلية لمن ينتقدكم والتحقير من خلق من يقدم حججا معتبرة وقوية تتحدى عنادكم!، فهذا لا يزيد الأمر إلا جفاء ومساحة بعد ويمنع أي التقاء، فإن أردتم الخير لهذه الأمة فراجعوا أنفسكم وأصلحوا أخطاءكم وحصنوا خطاباتكم واتركوا الناس تنشغل بالدفاع عن قضاياها المصيرة دون محاولة لفرض التنظير الذي أثبت فشله لحجم الاعتراض عليه والذي يزعم أن الوحدة مع الرافضة نصرة لفلسطين، فهذا التنظير قد اصطدم بأمة كاملة! وهذا يكفي أن يدفعكم إلى تغيير طريقة تفكيركم وأسلوبكم في مخاطبة الشعوب، وتتركوا محاولة فرض هذه الوحدة على المسلمين لما تسعه مساحة الاختلاف ما دام تسعكم اختياراتكم في حدودكم.
– هناك الكثير من العوام يستغربون خطاباتكم التي تكتم نصف الحقيقة وتصر على تصدير الرافضة حلفاء المرحلة النبلاء، وهذا شيء يتصادم مع ضمائرهم وعقيدتهم ومروءتهم، فراعوا هذه القلوب والنفوس ولا تحقروها، وقبل أن تضطركم خطاباتكم التي تثير الفتنة إلى تسويد صفحات من الشرح، فقط اضبطوها مبكرا، فيغنيكم ذلك عن كل دفاع مستميت وسب وشتم!
والله من وراء القصد.