د. محمد جلال القصاص يكتب: شيء مهم في التفسير والتحليل

المعنيون بتفسير الظواهر السياسية في الأكاديميات لا يعطون العوامل النفسية كبير اهتمام، والسبب- في الغالب- حضور المدرسة السلوكية التي تبحث عما يقاس رقميًا (التحليل الإمبريقي)،

والسبب هيمنة المناهج العلمانية الوضعية التي لا تؤمن بغير الماديات (ما تراه بعينها) وتكاد تجحد الضمائر وما انطوت عليه الصدور.

 تقول الوضعية: الكل خلف مصلحته.

وهذا صحيح، ولكن: المصلحة يحددها بعد نفسي.. شهواني أو عقدي، ما يعني أن البعد النفسي هو الأساس في تحليل الظواهر السياسية والاجتماعية،

فالاختلاف والشقاق سببه في الأساس أمراض نفسية لا غياب الحقيقة أو التباسها،

يقول الله تعالى: (وَمَا تَفَرَّقُوٓاْ إِلَّا مِنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَهُمُ ٱلۡعِلۡمُ بَغۡيَۢا بَيۡنَهُمۡۚ) (الشورى: 14)،

فالفرقة جاءت بعد العلم والسبب هو البغي.

وفي قوله تعالى: (وَلَا تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَٱخۡتَلَفُواْ مِنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَهُمُ ٱلۡبَيِّنَٰتُۚ وَأُوْلَٰٓئِكَ لَهُمۡ عَذَابٌ عَظِيم) (آل عمران:105) قدَّم الله الفرقة على الاختلاف مع أن الذي نراه بأعيننا في الواقع غير ذلك ليبين لنا أن أمراض النفوس هي السبب.

يقرر أحدهم أن يفترق ويعزم على ذلك، ثم يظهر خلافًا يبرر به فرقته. فالخلاف أداة في الغالب والمرض الحقيقي هو مرض النفس، ولذا اتجه القرآن الكريم للقلوب يداويها بترهيبٍ وترغيب وربط كل شيء بالله وما أعده في الآخرة للمتقين والعاصين.

فإلى القرآن.. مأدبة الله. إذ لا بد من سلامة القلب مع سلامة العقل كي نحصل على وعي صحيح،

(أوْلَئِكَ ٱلَّذِينَ هَدَىٰهُمُ ٱللَّهُۖ وَأوْلَئِكَ همۡ أوْلُواْ ٱلۡأَلۡبب) (الزمر:18).

د. محمد جلال القصاص

دكتوراة علوم سياسية كلية الاقتصاد والعلوم السياسية- جامعة القاهرة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights