د. وصفي أبو زيد يكتب: الزرقاني ومقاصد القرآن

كثير ممن تحدثوا عن مقاصد القرآن الكريم يذكرون ما قاله أبو حامد الغزالي من مُهمّات ومُتِمّات، وما قاله العز بن عبد السلام من مصالح ومفاسد، وما ذكره البقاعي كذلك،

كما يذكرون أقوال المعاصرين في ذلك ابتداء من محمد رشيد رضا في الوحي المحمدي ثم محمد الطاهر بن عاشور في مقدمته الرابعة من تفسيره، ثم يوسف القرضاوي، ثم عبد الكريم الحامدي، ثم أحمد الريسوني، ثم أحمد الوتاري، وغيرهم.

لكن جميع من تحدثوا عن مقاصد القرآن – فيما اطلعت عليه – لم يذكروا ما قرره محمد عبد العظيم الزرقاني،

وله حديث متميز عن مقاصد القرآن في كتابه الغنيّ العليّ، وذي القيمة العلمية العالية:

«مناهل العرفان في علوم القرآن»،

استغرق أربع صفحات: [المناهل: 2/ 331-334. طبعة دار التوفيقية للتراث، القاهرة].

لم يُشرْ إليها أحدٌ فيما أعلم، حتى كاتب هذه السطور لم يذكر ذلك في بحث:

«نحو تفسير مقاصدي للقرآن الكريم»،

وذلك لعدم الاطلاع على هذا الجهد إلا مؤخرًا، فوجب التنويه والاستدراك، وإنصاف العالم الجليل الزرقاني،

ولعل ذلك يرجع إلى أنه لم يعنون تناول ذلك بعنوان صريح مثل: مقاصد القرآن؛ حيث جاء في ثنايا حديثه عن إعجاز القرآن في الوجه الرابع من وجوه الإعجاز، وهو: وفاؤه بحاجات البشر.

عشرة مقاصد للقرآن الكريم

ذكر الزرقاني عشرة مقاصد للقرآن الكريم، أذكر هنا عناوينها فقط، وهي:

إصلاح العقائد، إصلاح العبادات، إصلاح الأخلاق، إصلاح الاجتماع، إصلاح السياسة، الإصلاح المالي، الإصلاح النسائي، الإصلاح الحربي، محاربة الاسترقاق “يعني الحرية”، تحرير العقول والأفكار.

وبيّن – رحمه الله تعالى – وجهَ كلِّ مقصد من هذه المقاصد، وكيف عمل القرآنُ الكريم بتدابير تشريعية على هذا الإصلاح.

هذه المقاصد القرآنية عند الزرقاني تستحق الدراسة، ويمكن أن يكون ذلك في بحث محكّم، أو رسالة ماجستير حسب رسائل عصرنا،

ببيان طبيعة تناوله، وأثر عصره في بيان هذه المقاصد، ومقارنته بغيره ممن سبقوه، وبيان من تأثر بهم في بيان هذه المقاصد،

ومَن أخذ عن الزرقاني وتأثر به، بحسب تاريخ الكتابة، وبيان ميزاته عن غيره في تعداد هذه المقاصد وبيان وجهها.

رحم الله العلامة محمد عبد العظيم الزرقاني صاحب الكتاب المتميز مناهل العرفان، وغفر لنا تقصيرنا بحقه،

وكتب أجره، ونفع بعلمه إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

د. وصفي أبو زيد

أستاذ مقاصد الشريعة الإسلامية، ورئيس مركز الشهود الحضاري للدراسات الشرعية والمستقبلية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights