مقالات

د. ياسر عبد التواب يكتب: الإنسان بين التخطيط والتوكل

كل الأشخاص والكيانات والدول يجب أن تهتم بتخطيط حياتها كنوع من التأمين الذاتي لمستقبل أفضل.

والتخطيط مبدأ يمكن أن يستخدم في الخير أو الشر فكل عمل يرجى له النجاح يجب للقائمين عليه أن يخططوا له جيدا.

ومعنى التخطيط الشخصي هو (التصورات التي يدونها الشخص وينسقها ويعدها للتنفيذ وفق رؤية محددة يطمح للوصول إليها سواء كانت قصيرة أو طويلة المدى وذلك من خلال التنسيق، البحث، والتغيير وإيجاد مفاتيح الرؤى).

ويرتبط استقرار الأحوال الشخصية للأفراد والأسر إلى حدٍّ كبير باستقرار أحوالهم المالية مثلا.

 وترتبط الأحوال المالية بالتخطيط المسبق لها. فالتخطيط المالي السليم شرط لا غنى عنه إذا شاء المرء درء المتاعب الاقتصادية، وتحسين أوضاعه باستمرار وصولاً إلى سن التقاعد الآمن والمريح.

وهكذا التخطيط لأحوال مثل التعليم والثقافة والدعوة الخ.

وتنقسم مفاتيح التخطيط الاستراتيجي الشخصي إلى: التفكير، تحديد الأهداف (قصيرة، متوسطة، طويلة المدى)،

وضع خطط بديلة للأزمات، وتخصيص الموارد المتاحة، وتطبيق الخطة خطوة بخطوة وتحديد نقاط القوة والضعف لها.

ودائما التخطيط الاستراتيجي الشخصي يأتي على شكل تسلسلي أي بمعنى ان نجاح الخطه قصيرة المدى سينتج عنها الانتقال للخطة المتوسطة المدى وهكذا حتى الوصول إلى الرؤية.

ضربت المثل بالتخطيط الاقتصادي الشخصي حين نوفق (بين الرغبات والمهارات والإمكانات والظروف المحيطة ) ثم نتطور وننمى أنفسنا فننتقل من طور لآخر وصولا للهدف النهائي.

ولكن ماذا لو فشلت الخطة الإستراتيجية؟

هل سنتخلى عن الطموح الذي صورناه في عقلنا؟ أم سنقول دائما أحلامنا لا تطبق في الواقع؟ أم سنتدارك الموقف ونتجه إلى الخطط البديلة التي وضعناها في بداية الخطة؟

هذه كلها تحتاج لقرارات وتوقعات ودراسة وكذلك الاستعداد لنعدل ما خططناه وفقا لما نراه على أرض الواقع من التطبيق ومن التحديات الواردة وقياس قدراتنا على التعامل معها.

ونفس الأمر حين يخطط الإنسان لعمل مباح أو صالح وبالطبع كذلك يفعل هذا لجريمة أو لمؤامرة أو من يخطط لمكافحتها.

حيث نرى جرائم ومؤامرات نجحت بسبب تخطيطها الجيد وهي سنة كونية ماضية لكن من يخطط لمقاومتها سيجد فوق الأسباب توفيق وتيسير وبركة من رب الأسباب

ولا ارتباط بين النجاح والتخطيط إلا في حال قدرتنا على التخطيط الواقعي المنضبط غير المحلق بالخيال ولا كذلك المفتقر إلى الإبداع ولا المتواكل دون أية أسباب.

فإن هيأنا الأسباب بشكل صحيح يأتي النجاح بشكل صحيح أيضا ومن خلف كل ذلك يأتي النجاح بالتيسير الرباني حين نوفق لهذه الأمور كلها ( وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وعليه فليتوكل المتوكلون). هود

تأمل طويلا في تخطيط نبينا صلى الله عليه وسلم في دعوته: اختيار الأزمنة المناسبة والأمكنة المناسبة والأشخاص المناسبين وتكليفهم بأعمال مناسبة سواء في إعدادهم نفسيا أو علميا أو تربيتهم على تحمل المشاق والاحتساب من أجل ذلك كله.

فإن لم يناسبه مكان انتقل إلى غيره وإن خذلته قبيلة حاول مع غيرها حتى جاءه التوفيق والتيسير حتى هجرته كان  مخططا لها ومتوقعا لكثير من تحدياتها. 

فهلم لنجعل التخطيط عادتنا الواقعية والعملية المنطلقة من اجتهاد كبير وتوكل عميق.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights