د. ياسر عبد التواب يكتب: النهوض بالإنسان
من يرد أن ينهض بالإنسان يجب أن يكون على بصيرة بما يصلحه وبما يصلح له
وهذا كله لا يتأتى إلا من خلال اطلاعه بأسس التعامل مع هذا الإنسان واهمية التعامل معه إفادته ومعرفة حقوقه وواجباته التي سندعوه إليها والتي سنلتزم بها تجاهه ولن يكون ذلك أبدا إلا باطلاعه على المنهج الإسلامي في التعامل مع الإنسان
الإنسان من حيث هو إنسان – مسلما أو غير مسلم – يحتاج منا لعناية في التعامل معه
هذا المخلوق المكرم على غيره من المخلوقات يحتاج أن نفهم كيف نتعامل معه :
نتعامل مع عقله بما لا يتجاوز حدود العقل ليدخل فيما لا يحسنه العقل من المشاعر أو الغيبيات، ونتعامل مع عاطفته بتوازن لا يلغي التعقل ولا يقلل من قيمة المشاعر،
نرفه عنه.. نعم لكن بما لا يضيع أثمن شيئ لديه وهو وقته وبما لا يوقعه في الإثم و لا الفواحش،
ونتعامل مع بدنه فنحرص على صحته البدنية كما نحرص على صحته النفسية فنبعده عن كل ما يؤذيه من العادات والمغيِبات والمطعومات،
وبنفس القدر من مساهمتنا في البنيان يجب أن نبعد معاول الهدم والإساءة..من يرد أن يضلله ومن يرد أن يفتنه..ومن يرد أن يستغله..ومن يرد أن يتربح منه دون مراعاة لحقوقه ولا لخصوصيته..
كل تلك المحددات للتعامل مع الإنسان يجب استحضارها حين نمتهن مهنة تتعامل معه
لذا لا بد من منهج يقرب إلينا هذا الإنسان : منهج نثق فيه وفي حكمته ورشاده وإنصافه..منهج لا يعبث بالإنسان أو يتركه حائرا
منهج منصف : لا ينظر إلى الإنسان كأنه آلة كالفكر الشيوعي، ولا يطلق لشهواته العنان كالفكر الإباحي، ولا يجعله عرضة للاستغلال كالرأسمالية، ولا يغره في قدراته فيقحمه فيما لا يحسنه كالفكر الليبرالي
هذا المنهج الذي نتحدث عنه هو منهج الإسلام في التعامل مع الإنسان،
المنهج الذي يدعو الإنسان لعبادة ربه تعالى من أجل تحقيق حق الله تعالى على العباد بأن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا ؛
فكل من يدل الإنسان على الله تعالى ويجذبه إليه ويهديه لمنهجه ويأمره بطاعته ويزين له الإيمان ويكره إليه الكفر والفسوق والعصيان ؛ فهو يحقق منهج النهوض بالإنسان والتفاعل معه
كل من يجتهد بتبصير الإنسان بما ينفعه في أمر دينه ودنياه وييسر له سبل حياته ويبصره بحقوقه ويقف في وجه ظالمه بما لا يخالف شرع الله تعالى ودينه فهو يحقق هذا الهدف
مهما كان الدور الذي يمارسه ( الدعوة – الإعلام بأنواعه – التربية والتعليم..إلخ )
لا بد إذن أن ننتفع بهذا المنهج وأن ندرك منه ما يصلح أن يكون نبراسا لأي تعامل مع الإنسان وتوجيهه
لابد لنا من خلفية معقولة عن توجيهات الشرع المختلفة لنتمكن بها من تحقيق مهمتنا الأولى والاجتهاد فيها
فإن إدراكنا لقضيتنا الأولى من النهوض بالإنسان يلزمنا أن نتعرف على المنهج الذي يتحقق به نهوض هذا الإنسان..منهج العبودية لله تعالى الذي أحسن كل شيء خلقه