مقالات

د. ياسر عبد التواب يكتب: اليهود الآن.. ويهود بني النضير

وكأن سورة الحشر تنزل من جديد فحين يريد الله تعالى عقاب قوم أو نجاة قوم هيأ أسباب ذلك

 ولعل في قصص اليهود مع رسولنا عبرا مختلفة سواء في قينقاع أو النضير أو قريظة.

لكن دعنا نتأمل في النضير لتشابهها مع أحداثنا إلى حد ما ففي السنة الرابعة للهجرة ذهب نبي الله إلى بني النضير في مساكنهم ليشاركوا وفقا لالتزامهم في صحيفة المدينة المشهورة في أداء دية قتيلين قتلا بالخطأ.

 لكن كعادة اليهود يهربون للأمام  فيستغلون الأحداث لصالحهم بغدر خسيس ودون أي التزام أو أخلاق فتآمروا بينهم.

فلن يجدوا غرة ينالون بها من رسول الله ولم يجدوا منه سابقا إلا كل التزام وحسن جوار.

لكن الخسة والتمرد عادتهم كما ظنهم  الفهم  وأنه قاصرا عليهم  يورثهم غرورا رغم  قلة توفيقهم دوما.

فصعد أحدهم ليلقي حجرا كبيرا من فوق حائط كان يجلس أسفله رسول الله وأصحابه.

لكن الله تعالى أوحى إلى رسول الله فقام ولما استأخره أصحابه قاموا يبحثون عنه فأخبرهم بالأمر.

هنا اتضحت الخيانة وثبت الغدر وقد حاصرهم رسول الله وأصحابه على نحو ذكرته سورة الحشر.

فلما يئسوا قبلوا بالنزول  على شرط رسول الله صلى الله عليه بالجلاء بعد ست وعشرين ليلة من الحصار.

 وعلى أساس أن يرحلوا من ذلك المكان فذهب بعضهم لخيبر وبعضهم للشام ولم يعودوا بعدها أبدا.

وهذا والله كان رفقا بهم فلم يشترط عليهم قتل المتآمرين مثلا

وبعد ظنهم أنهم مانعتهم حصونهم من الله فإن الله تعالى أتاهم من حيث لم يحتسبوا فانقلب الكيد عليهم.

وكذا في كل كيد فعلوه {كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ ۚ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا ۚ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (64)}  المائدة

ولم ينفعهم تآزر المنافقين معهم وقد قالوا لهم  (لئن أخرجتم لنخرجن معكم ولا نطيع فيكم أحدا أبدا ولئن قوتلتم لننصرنكم) وإرادة الله غير ذلك.

فتأمل كيده بهم حين قال: (هو الذي أخرج الذين كفروا) فهو من أخرجهم بإرادته وقلب كيدهم إلى نحورهم رغم أنهم هم الذين خططوا ودبروا وتوهموا.

فكانت العاقبة خرابا ودمارا عليهم ورحيلا إلى غير عودة خربت البيوت التي ألفوها وتركوا الديار التي اعتادوها ورحلوا عن الأرض التي بنوها وعمروها وزرعوها ومن حقدهم خربوها.

فكانت عبرة أخرى كيف يخسر الإنسان ما بيده ويزول عمرانه وأمنه وألفته عاقبة خيانته وغدره.

وفي الحديث: «ما من ذنب أجدر أن يعجل الله لصحابه العقوبة في الدنيا مع ما يدخره له في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم»

وما أشبه الليلة بالبارحة وكأن سورة الحشر تنزل من جديد

ولن تنفعهم حصونهم من الله شيئا ولا استقوائهم بمؤازرة الكفار والمنافقين

فإن الله تعالى إذا أراد شيئا هيأ أسبابه مهما وسوس الشيطان لأتباعه

ومهما غرتهم قوتهم وما جمعوه فسيأتيهم (الله) من حيث لم يحتسبوا وسيخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين.. فاعتبروا يا أولي الأبصار

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights