الأمة الثقافية

“دعوتُكَ أنْ مهلا”.. شعر: أحمد شلبي

الشاعر الكبير أحمد شلبي يرثي ابنه الذي رحل من أسبوعين

كلانا على دربِ المقاديرِ سائرُ

على الأرْضِ أمشي, بينما أنت طائرُ

كأنَّكَ ومضٌ – لاح بالليلِ – عابرٌ

ووجْهُك بدْرٌ – يسْكُب النورَ – سافِرُ

وأدعوكَ أن مهلاً, وقلبيَ خافِقٌ

إلى أين يا طيري الحبيبَ مسافرُ؟

فتُرسِلُ بَسْماتٍ وفرْحًا وضِحْكةً

ومُسْتَقبَلاً تنمو عليه البشائرُ

وتَرسُمُ بستانًا من الحُبِّ أخضرًا

فتخْضَرُّ آمالٌ وتهفو سرائرُ

فهذا (بَراءٌ) زهرةٌ تبعثُ الشَّذا

فتَنْتَعِشُ البُشرى وتحيا الضمائرُ

وصَفصافَةٌ في شطِّ نهْرِكَ تجْتلي

صباحًا ندِيًّا فيهِ تُرخَى الضفائرُ

وأمٌّ لها في الفجر دعوةُ وامقٍ

إلى طيفِ مَن في الأمسياتِ تسامرُ

وشوقُ أخٍ قد كنتَ في الناس دِرْعَهُ

وكنتَ لهُ سيفًا إذا لاح غادرُ

وبيتٌ – إذا أقبلْتَ – يسمو بناؤهُ

ويبسِمُ زهْوًا في العُلا ويفاخرُ

وأنفاسُ حُبٍّ من عبيرٍ تبثُّها

رضاءً إذا ما رحتَ – عِنْدًا – تحاورُ

فيا لكَ من طيرٍ غريبٍ .. ويا لنا

من الألم المُضْني الذي لا يغادرُ !

ويا لكِ أيامًا حلَلْتِ كئيبةً

ولم تُمْهلي مَنْ راح فيكِ يغامرُ

بعثتِ نَعِيًّا هَدَّمَ العُمْرَ بَغتةً

وجاء الذي قد كنتُ منه أحاذرُ

تركْتَ أًبًا كَمْ يحتسي الدَّمْعَ ساخِنًا

ويجْثو لِمَا آلتْ إليهِ المصائرُ

وأبْدو أمام الناس صُلبًا وصابرًا

ولكنَّني – واللهِ – حزنٌ يكابرُ

(ولي كبِدٌ مقروحةٌ) شَقَّها الأسى

وجرحٌ ثقيلُ الوطْءِ في النَّفسِ غائرُ

(نهاري نهارُ الناسِ حتى إذا بدا

ليَ الليلُ) قد نادتْ عليَّ المَقابرُ

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights