مقالات

ربيع عبد الرؤوف الزواوي يكتب: {اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ}

قرأ الإمام في صلاة المغرب من سورة الشورى؛ فسمع قلبي جزءاً من الآية ١٣ من السورة: {اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ}..

مضيت في صلاتي سائلاً الله أن أكون منهم.. ثم انتبهت للتوجيه الرباني الواضح الذي يبيِّن بجلاء سبيل الهداية لهذا (الاجتباء) وهو (الإنابة) المذكورة في قوله جلّ وعلا: {وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ}..

الإنابة بكل سهولة هي الرجوع إلى الله مع التذلّل.. يعني التوبة مع التذلل والخضوع وغير ذلك من المعاني التي كنت ذكرتها في مقال سابق؛ عندما تكلمت عن قوله تعالى: {وَمَا يَتَذكَّرُ إلّا مَن يُنِيب} من الآية ١٣ من سورة غافر.. (المقال في أوّل تعليق).

والإنابة تكون دائما في كل وقت وحين، وتحتاج للاستمرار والديمومة؛ ولذلك جاء الفعل في السورتين -غافر والشورى- في الآيتين بصيغة المضارع (يُنِيب) مسبوقا في كل مرة بالاسم الموصول (مَن) بمعنى الذي.. ليقصر الفائدة -الاجتباء والتذكر- على الذين ينيبون فقط.. فانتبه رعاك الله.

{اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ}..

وإليك كلام بعض المفسرين:

حكى الطبري رحمه الله في تفسيره قول مجاهد والسدي؛ قال مجاهد: {اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ} ويوفق للعمل بطاعته، واتباع ما بعث به نبيه عليه الصلاة والسلام من الحق من أقبل إلى طاعته، وراجع التوبة من معاصيه. وقال السديّ: {وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ}: من يُقبل إلى طاعة الله.

وقال ابن كثير رحمه الله: أي : هو الذي يقدر الهداية لمن يستحقها، ويكتب الضلالة على من آثرها على طريق الرشد.

وقال البغوي رحمه الله في تفسيره: {الله يجتبي إليه من يشاء} يصطفي إليه من عباده من يشاء، {ويهدي إليه من ينيب} يقبل إلى طاعته.

وقال القرطبي رحمه الله: {الله يجتبي إليه من يشاء} أي: يختار. والاجتباء: الاختيار، أي: يختار للتوحيد من يشاء. (ويهدي إليه من ينيب) أي: يستخلص لدينه من رجع إليه.

وقال السّعدي رحمه الله: {اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ} أي يختار من خليقته من يعلم أنه يصلح للاجتباء لرسالته وولايته ومنه أن اجتبى هذه الأمة وفضلها على سائر الأمم، واختار لها أفضل الأديان وخيرها.{وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ} هذا السبب الذي من العبد، يتوصل به إلى هداية الله تعالى، وهو إنابته لربه، وانجذاب دواعي قلبه إليه، وكونه قاصدا وجهه، فحسن مقصد العبد مع اجتهاده في طلب الهداية، من أسباب التيسير لها، كما قال تعالى: {يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ}.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى