مقالات

رضا بودراع يكتب: الحرب العالمية القذرة

هذا مقال كتبته في 3-3-2013 وهو يستشرف ملامح الصراع لهذا العقد 2024

بعد أن قرر النظام الدولي وضع منطقة الشرق الاوسط تحت دائرة التوتر ووطأة الصدمات المفتعلة بما يعرف بخارطة الشرق الاوسط الكبير يفضي الي تولد مناخ جغرافي وسياسي يلائم مصالح وأطماع اقطاب هذا النظام، ولعل أبرزه ضرورة ايجاد عميل ورقيب آخر الي جانب الحليف العقدي المدلل، الكيان الصهيوني، كان المرشح الذي تم اختياره لهذه المهمة او هذا المنصب إيران ومدها الطائفي لأسباب تاريخية وأطماع جيوسياسية وتكنولوجية يمكن التفاوض عليها.

وقد فهمت إيران الدور المنوط بها كما استوعبت قوانين اللعبة جيدا فراحت تحاكي النفاق الدولي وتحترف القذارة السياسية والامنية الدوليتين، فعمدت الي تبني استراتيجية الانتشار الفكري المصحوب بتكوين ميليشيات ومجموعات مدربة حامية له، ولا يخفي على أحد مدها في لبنان والعراق واليمن وسوريا وما يراد للسعودية والبحرين وحتى تركيا.

طبعا لم تكن دول الجوار لتبقي متفرجة فراحت بدورها تحاكي التكتيك نفسه، اذ ان تدفق السلاح والعناصر المقاتلة علي اختلاف توجهاتها، مع اعتماد تلون الخطاب السياسي اهم المؤشرات و اشد الارهاصات لملامح الحرب العالمية القادمة، انها الحرب القذرة بكل ما تحمله الكلمة من معني، تعتبر الميليشيات و الشركات الامنية المرتزقة الاداة المحورية لتحقيق المكاسب العسكرية والسياسية وفق استراتيجية كل طرف، الي ان يفضي الأمر إلي اتفاقية سايكس-بيكو معدلة..، غير ان هذه الاخيرة كانت اتفاقية بين دول تحكمهم اعراف وقوانين دولية وقيم انسانية الي حد ما، فلكم اذن ان تتصوروا حجم الفظاعة و القذارة اذا تمت صياغة اتفاقية سايكس-بيكو مستهجنة وفق مصالح مليشيات طائفية او شركات امنية تري العنصر البشري قيمة نقدية او محل تجارب افكار شيطانية اعد لها في المخابر، او حتي قرابين تزال بها الالغام و يتقرب بها الي النظام الدولي زلفي.

ان عقيدة الثالوث الصهيوصليبية تتجسد المرة تلو الأخرى لتغرس اليوم انيابها في مقاتل-بفتح الميم وكسر التاء- الامة الاسلامية.

كما كان الثالوث القاهر -الجهل، الظلم والقتل- في عهد الامبراطورية الرومانية، ثم كان ثالوث الخراب الفرنسي في المغرب العربي -الجندي للحرق والقتل، المعلم لأولاد الجنود والاقدام السوداء، والمبشر لتنصير ما أمكن من الاطفال والجهلة.. تمهيدا للطابور الخامس-، وما الثالوث البريطاني الا طفرة نحو التحديث -الاحتواء والاستغلال وبسط النفوذ-، ها هو الان يتبدى واضحا ثالوث النظام الدولي الجديد، بعد ان وضفت إيران لإحكام الخناق على المشرق العربي بثرواته ومنافذه البحرية الاستراتيجية من الجهة الغربية.

أجل ها هو الثالوث يخرج في اصداره الجديد وطبعته المنقحة؛ الحلف الأطلسي، إيران ومدها الطائفي من الغرب، والكيان الصهيوني الخنجر المغروس في قلب الامة -الشام-.

أزفة الازفة ليس لها من دون الله كاشفة.

رضا بودراع

كاتب جزائري، وباحث في الشؤون الاستراتيجية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights