أقلام حرة

زيارة مستشفي العريش… حينما تحولت الإنسانية إلى رسالة سياسية

محمود الشاذلي

في مشهد نادر يجمع بين السياسة والإنسانية، زار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون مستشفى العريش العام بشمال سيناء، حيث يرقد عدد من الجرحى الفلسطينيين القادمين من قطاع غزة لتلقي العلاج، في واحدة من أقوى الصور التي قد تسجلها السياسة الحديثة.

هذه الزيارة لم تكن بروتوكولية، ولا مجرد تضامن إنساني بالمعنى التقليدي.

بل كانت رسالة سياسية متكاملة الأركان، تحمل أبعادًا إنسانية، وأهدافًا دبلوماسية، وتؤكد أن مصر قررت أن تتحدث إلى العالم من خلال الواقع، لا البيانات.

الصورة التي جمعت السيسي وماكرون بين جرحى العدوان، لم تكن بحاجة إلى تفسير.

فحينما تختار القيادة السياسية أن تضع يدها على الألم، وتُري العالم الوجع كما هو،

دون تجميل أو مواربة، فإنها بذلك تصوغ خطابًا جديدًا، أكثر تأثيرًا من التصريحات، وأبلغ من أي خطاب رسمي.

السيسي لم يكن هنا مجرد رئيس يزور مصابين، بل قائد يستخدم أدوات غير تقليدية في التعبير عن موقف مصر الثابت تجاه القضية الفلسطينية.

اختار أن يضع الإنسانية في مقدمة المشهد، ليكسر بها جمود مواقف دولية، ويوقظ صمت منظمات تاه عنها الضمير.

أما وجود الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى جانب الرئيس المصري، فله دلالة واضحة على أن أوروبا،

أو بعض من عواصمها المؤثرة، بدأت تراجع مواقفها تجاه ما يحدث في غزة، بعدما أصبحت المشاهد تتحدث بلغات لم يعد من الممكن تجاهلها.

إن ما حدث في مستشفي العريش ليس مجرد زيارة، بل لحظة مفصلية تتجاوز حدود الحدث،

وتعيد تشكيل مشهد إقليمي متشابك، تستخدم فيه مصر ذكاءها السياسي، وتوظف فيه إنسانيتها لتصنع ضغطًا ناعمًا يصعب مقاومته.

لعل الصورة التي خرجت من المستشفى تكون أقوى من كل المؤتمرات،

وأبلغ من كل التصريحات، لأنها ببساطة… تحدثت بلغة الوجع، وكتبت سطورًا جديدة في سجل الدبلوماسية المصرية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى