أقلام حرة

سري القدوة يكتب: «جبل الهيكل» ورواية تزيف وسرقة التاريخ

في ظل تراكم التطورات الأخيرة في فلسطين جراء التصعيد العسكري من إسرائيل القوة القائمة بالاحتلال، والاستمرار في السياسات أحادية الجانب والتي أدت إلى إضعاف المصداقية للعملية السياسية ضمن الشرعية الدولية لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي والوصول إلى الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة على حدود الـ67 وعاصمتها القدس الشرقية وخاصة بعد إقرار التشريعات الإسرائيلية الأخيرة من حكومة إسرائيل اليمينية الأكثر تطرفا، والهادفة إلى نسف الجهود الدولية لحل الدولتين التي تبناها المجتمع الدولي بأسره، وعلى أساس الشرعية الدولية وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة بالقضية الفلسطينية .

وتستمر الاعتداءات الإسرائيلية على المسجد الأقصى والأماكن المقدسة وتكرار اعتداءات المستوطنين على الكنائس والرهبان والمقابر والسياسات الهادفة إلى تغيير الطابع الكنسي المسيحي للحي المسيحي داخل أسوار البلدة القديمة، وتطويق مدينة بيت لحم مهد المسيح بالمستوطنات لمنع التواصل مع مدينة القدس ومنع الامتداد الطبيعي والتخطيط الحضري مع استمرار بناء جدار الفصل العنصري الذي يفصل مدينة المهد عن مدينة القيامة لأول مرة منذ نشأة المسيحية في الأراضي المقدسة.

الاعتداء على حرمة المسجد الأقصى المبارك وتدنيسه من قبل المستعمرين الذين يهددون بصورة دائمة بهدمه وبناء الهيكل المزعوم مكانه، ويسعون بصورة محمومة مدعومين من دول عديدة إلى فرض روايتهم الدينية وخرافاتهم عليه، وسلسلة الإجراءات العنصرية والقمعية التي تسعى إلى تغيير طابعه ومكانته وفرض التقسيم المكاني والزماني كما فعلت بالحرم الإبراهيمي الشريف دون وازع أو رادع وأن هذه الاعتداءات المتكررة على الأماكن الدينية المسيحية والإسلامية ومنع ممارسة حرية العبادة لإتباع هذه الديانات تحديداً في مدينة القدس، يأتي في سياق عنصري يطالب فيه المستعمر العالم أجمع الخضوع للخرافة التي يبثها ضمن روايته الملفقة.

كل هذه الإجراءات والاعتداءات الاستفزازية تتم على مرأى ومسمع العالم وبدعم واضح من مجموعة من الدول التي توفر الحماية المستمرة لدولة الاحتلال الغاصب ووصلت حد إطلاق مسميات توراتية على الحرم القدسي الشريف، «كجبل الهيكل» دعما للرواية الزائفة التي يقدمها الاحتلال الاستعماري في مخالفة صريحة وواضحة للشرعية الدولية والحقائق التاريخية والقانونية، ولا بد من العمل الجماعي وضرورة وجود حراك شامل لمواجهة الحملة المسعورة والسعي إلى إنهاء  الاحتلال الاستعماري العنصري وكل آثاره البغيضة .

لا بد من إعلاء الصوت وكشف حجم المؤامرات التي تستهدف  موقف المقدسات الإسلامية والمسحية والعمل على مساندة صوت الكنيسة وتأكيد الحفاظ على الوضع القائم القانوني والتاريخي للأماكن المقدسة وضمان عدم الاعتداءات المتكررة لغلاة المستوطنين على الحرم القدسي الشريف والتي وكان آخرها اقتحام الوزير المتطرف بن غفير ومعه أعضاء كنيست لساحات الحرم الشريف.

يجب على الأمة العربية والإسلامية مواجهة هذه التحديات والتصدي لكل هذه الاعتداءات الاستفزازية والعنصرية وتدنيس الأماكن المقدسة سواء مسحية أو إسلامية والتأكيد على رفضنا التام لها والوقوف في مواجهتها وعدم القبول بالمواقف المتلكئة أو المتذبذبة، كأن تصوت دولة في العالم الإسلامي ضد مشروع قرار يتعلق بالقدس، هذا أمر يجب عدم التهاون أو التسامح معه لأنه يفتح الباب أمام المتطرفين والعنصريين للتمادي أكثر.

وبات من الضروري تبني نهج شامل للتعاطي مع هذه المسائل الحساسة في إطار منظمة التعاون الإسلامي وبدء حملة واسعة على كافة المستويات للتصدي لكل من يحاول الاستخفاف أو التطاول على المقدسات الإسلامية والمسحية ووضع حد لعدوان الاحتلال على المسجد الأقصى المبارك.

سري القدوة

رئيس تحرير جريدة الصباح الفلسطينية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى