سري القدوة يكتب: سرقة الأرض وتهويدها وسياسات التهجير المتلاحقة
ما يجري من مؤامرات تصفوية متصاعدة في التجمعات السكانية في الأغوار وغيرها من المناطق التي تم تهجيرها في الضفة الغربية مؤخرا كان متوقعا منذ تولي هذه الحكومة المتطرفة أعمالها والتي تمنح صلاحيات مطلقة للوزيرين المتطرفين بتسلئيل سموتريش وإيتمار بن غفير، وبدورهما يطلقان يد المستعمرين بشكل غير مسبوق في خطورته وان مخططات الاحتلال لتهجير مواطني الأغوار وفرض السيادة الكاملة عليها ليست جديدة، وتعود جذورها إلى بدايات احتلال الأغوار قبل خمسة عقود، عبر مشاريع استعمارية كبرى كان أبرزها مشروع “ألون” الذي يعود للعام 1968، ومنذ ذلك الحين تتخذ الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة أساليب وذرائع مختلفة لذلك.
الوجه الأخر للاحتلال وسياساته لسرقة الأرض وتهويدها تتواصل ضمن تداعيات حرب التهجير التي تعتمدها إسرائيل من خلال حكومتها المتطرفة ولم يتوقف الأمر على اعتداءات المستعمرين وحدهم، حيث يتعرض أصحاب الأراضي المهددة بالمصادرة والضم الى سلسة من التهديدات المباشرة والمتواصلة من قوات الاحتلال، التي تساند المستعمرين في مخططهم، كما يتعرض المواطنين المقيمين في الأغوار الى التحقيق والتهديد والملاحقة من جنود الاحتلال لإجبارهم في النهاية على ترك أراضيهم وأماكن سكناهم والرحيل عنها.
ويعمل المستعمرين على التدخل لإجبار السكان على الرحيل وغالبا ما يتدخل جيش الاحتلال ليدعمهم ضمن مشروعهم التهجيري وعندما يقاوم المواطنين كل المحاولات يتدخل الجيش لإجبار السكان وأصحاب الأراضي على ترك أراضيهم والرحيل تحت تهديد الملاحقة والتعذيب والاعتقال والسجن.
وفي إطار سياسة الاحتلال التصفوية عملت حكومة الاحتلال المتطرفة على سرقتها للأراضي الفلسطينية واستولت على غالبية أراضي الأغوار واستخدمت لذلك ذرائع مختلفة عبر مسميات وتصنيفات مثل أراضي الدولة، والمحميات الطبيعية، ومناطق إطلاق النار، وغيرها من المسميات التي تصب في نهاية المطاف في حرمان أصحاب الأرض الأصليين منها ومنحها للمستعمرين، حيث تشير معطيات مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة “بتسيلم” إلى أن إسرائيل تمنع الفلسطينيين من استخدام نحو 85% من مساحة الأغوار وشمال البحر الميت وتستغل هذه المساحة لاحتياجاتها الاستعمارية الاستيطانية.
عبر نتنياهو خلال مؤتمره الصحافي والذي عقده مطلع الشهر الجاري حول حرب الإبادة التي يشنها على أبناء شعبنا في قطاع غزة وكان اللافت في الأمر أنه عندما عرض خريطة فلسطين أسقط منها الضفة الغربية، وهذا يكشف عن سياسة الاحتلال الهادفة الى تهجير الفلسطينيين وضم الضفة الغربية، وتشير معطيات هيئة مقاومة الجدار والاستيطان إلى أنه تم تهجير 27 تجمعا سكانيا بالضفة الغربية منذ بداية العدوان على غزة في أكتوبر 2023 وحتى الآن، تحت تهديد السلاح وبسبب عنف المستعمرين.
وانتقلت حكومة الاحتلال بشكل واضح وصريح الى الإعلان عن ما كانت تمارسه بشكل سري الى الإفصاح عنه علنا وتحديها للشرعية الدولية فانتقلت حكومة الاحتلال وعلى رأسها نتنياهو من مراحل تمرير مخططات الضم والتهجير سرا إلى التصريح والتنفيذ العلني لمشاريع ضم الأغوار تمهيدا لضم الضفة الغربية.
وما من شك بان المرحلة التي نشاهدها هي الأصعب على أهالي الأغوار، فحكومة الاحتلال اليمينية تأخذ على عاتقها إنهاء الوجود الفلسطيني في الأغوار، خاصة أن الفترة الأخيرة شهدت تطورات صعبة ومؤامرات ارتبطت بسياسة التهجير وحرب الإبادة الجماعية التي تنفذها إسرائيل عبر جيشها الوحشي وارتكابها المجازر المحرمة دوليا وإعادة احتلالها لقطاع غزة والإعلان عن ضم الضفة الغربية.