لم أكن ممن يرغبون في فوز ترمب، ليس حباً في فوز القاتلة الباسمة، وحزبها الديمقراطي المتصهين، والذي يعد المسئول الحقيقي، تبعاً أو أصالة عن الإبادة في غزة حتى الآن، ولكن لمواقف ترمب تجاه الحقوق الفلسطينية، ودعمه الكبير لنتنياهو، فضلاً عن تصريحاته خلال الحرب الدائرة في غزة، والتي تعبر عن صهيونية متطرفة، وقسوة لا نهائية، لدى ترمب الذي عبر عن رغبة في توسيع مساحة إسرائيل، والقضاء على المدنيين في غزة، لإنهاء الحرب بأقصى سرعة، وضرب المفاعلات النووية في إيران، وغير ذلك، مما جعل القراءات السياسية تتجه نحو دعمه التام واللامحدود لنتنياهو في إبادة غزة وإنهاء القضية الفلسطينية، إذا فاز بالانتخابات .
لكن هناك سيناريو آخر، يلوح في أفق التفكير الموضوعي، بحسب ما يمكن أن نسميه «فرضيات الضرورة الواقعية مع السمات الشخصية والسياسية لدونالد ترمب» والذي يمكن أن يغير مسار الأحداث ونهايتها، على غير ما يرغب نتنياهو والمتصهينون العرب، وهذا ما سنحاول إلقاء الضوء عليه في هذا المقال.
ولكي نصل لما يمكن أن نسميه بالسيناريو الآخر، نتناول ثلاثة عناصر، تمثل المدخلات التي من خلالها يخرج التصور العام لسياسات ترمب المستقبلية، فيما يخص الحرب على غزة، وهي فرضيات الواقع، والأهداف المعلنة، والسمات الشخصية والسياسية لترمب، وهو ما سنلقي الضوء عليه.
أولاً: فرضيات الواقع:
داخل إسرائيل:
أكبر تحدي يواجه ترمب هو رغبة الصهاينة في إعادة الأسرى، وإيقاف الحرب في جنوب لبنان، لكي ينعم شعب الكيان بشعوره بالأمن.
داخل أمريكا:
لقد روج ترمب لنفسه بأنه الرجل القوي، الذي سيوقف الحروب في العالم، وخاصة أوكرانيا وغزة، وسيعيد الأسرى، ويحقق أمن إسرائيل.
في غزة:
أكبر تحدي يواجه ترمب في غزة، هو وجود الأسرى في قبضة المقاومة، واستمرار المقاومة بضراوة، وتكبيد إسرائيل خسائر فادحة وغير مسبوقة في المعدات والأرواح في صفوف الجيش الصهيوني، وصمود الشعب في غزة بشكل أسطوري حتى الآن ورغم الإبادة.
في جنوب لبنان:
استمرار الحرب والمقاومة واستهداف شمال الكيان، ونزوح المستوطنين من الشمال، وتكبيد إسرائيل خسائر فادحة
البيئة الإقليمية:
التحدي الأكبر لترمب في المنطقة، هو استمرار الحرب خاصة في جنوب لبنان والمدعومة من إيران والحوثيين والمليشيات في سوريا والعراق، يجعل المصالح الأمريكية خاصة الاقتصادية والسياسية مهددة، خاصة في حالة توسيع رقعة الحرب
البيئة الدولية:
يواجه ترمب تحدياً، على المستوى الدولي، وهو رغبة في الظهور بمظهر الرئيس القوي، الذي ينهي التوترات، ويحقق الأمن العالمي، لذلك سيكون لديه رغبة قوية في إنهاء الحرب في جنوب لبنان كما هي رغبة في إنهاء الحرب في أوكرانيا
إذن:
{الواقع الذي يتحرك في ترمب، حرب دائرة، مقاومة مستمرة على جبهتين، أسرى في قبضة المقاومة، أمن إسرائيل مهددة، توتر بالمنطقة يهدد مصالح أمريكا}
هذا الواقع يفرض عليه العمل على، وقف الحرب في لبنان، إعادة الأسرى، تحقيق الأمن لإسرائيل، تحقيق الاستقرار بالمنطقة، وذلك خلال الشهور الأولى من رئاسته.
ثانياً: أهداف ترمب المعلنة تجاه المنطقة:
– إنهاء الحرب في الشرق الأوسط.
– إعادة الأسرى الصهاينة.
– تحقيق الأمن لإسرائيل.
– هزيمة حزب الله وحماس.
– تنفيذ مخطط التطبيع في المنطقة.
{هذه الأهداف، لا يمكن أن ينجح ترمب في الوفاء بوعوده إلا بتحقيقها، ولا يمكن تحقيقها في فترة وجيزة أو متوسطة من رئاسته في الواقع السابق، إلا بسيناريوا واحد وهو عقد صفقة ثنائية مع المقاومة في جدغزة وجنوب لبنان}
وهنا سؤال هام وهو:
هل سمات ترمب الشخصية والسياسية يمكن أن تساهم في إبرام صفقة لتبادل الأسرى وهو ما يعد سيناريو آخر خلافاً للتوقعات؟
وللإجابة على هذا السؤال يدفعنا لتناول السمات الشخصية والسياسية لدونالد ترمب .
ثالثا: السمات الشخصية والسياسية لدونالد ترمب:
ترمب شخصية، اقتصادية، رأسمالية، مصالحية، انتهازية، ميكافلي السلوك، مغامر، غير متوقع، صدامي، قوي، مواجه، ينبهر بالأقوياء، الأنا لديه أغلى وأعلى من أمريكا، يمكن أن يضحي بأصدقائه وحلفاءه لتحقيق مصالحه، لديه قدره على مواجهة الجماهير، والتبرير لهم وتحويل الهزيمة لنصر والضعف لقوة والخطأ لصواب في وعي مؤيديه.
إذن:
{السمات الشخصية والسياسية لترمب، يمكن أن يترتب بناء عليها انتهاج ترمب سلوكاً سياسياً غير متوقع وصادم لحلفائه وأصدقاءه إذا كان يحقق مصالحه}
وعلى ما تقدم:
فالسيناريو الآخر الذي يحتمل أن يتبناه ترمب هو:
{عقد صفقة حقيقية، بين إسرائيل والمقاومة لوقف الحرب في الجنوب وغزة وتحرير الأسرى}
وذلك في ظل استمرار الحرب في لبنان، وغزة، بهذه القوة من حزب الله، والمقاومة،
وفي ظل الخسائر الفادحة في جنوب لبنان وغزة، مع استمرار وجود الأسرى في قبضة المقاومة،
وفي ظل الثبات اللامحدود من المقاومة وشعب غزة، وإصرار حزب الله على الربط بين الجبهتبن، وإصرار إيران على دعم حزب الله، وفشل كل المحاولات لتحرير الأسرى بالتفاوض والقوة.
وعليه:
أحد السيناريوهات المحتملة لدي بجانب السيناريوهات الأخرى هو:
“أن يتجاوز ترمب نتنياهو، ويعمل مع المعارضة الإسرائيلية المتصاعدة، أو يتخلى عن دعمه أو يضغط عليه لوقف الحرب،
ويعقد صفقة لوقف الحرب وإعادة الأسرى،
لكي يحقق ترمب أهدافه الخمسة السابقة، التي لا يمكن أن تتحقق في بدايات ولايته إلا بعقد صفقة تبادل أسرى ووقف الحرب .
وبالتأكيد: هناك سيناريو متوقع بشكل أكبر وهو محل اتفاق الكثير من المتابعين وهو:
(الدعم اللامحدود لنتنياهو وتأييده في ضم الضفة وتدمير غزة والضغط عليها إلى أبعد حد، ودعمه في الحرب على جنوب لبنان)
اللهم: انصر غزة ومن نصرها.
اللهم: خذ بناصية ترمب وكل أعداء المقاومة إلى ما فيه نصر أهل غزة ومقاومتها.