سيف الدولة: ملفات اليوم التالي في غزة لم تحسم بعد وقادرون علي إفشال مخطط التهجير

سيف الدولة :ملفات اليوم التالي في غزة لم تحسم بعد و قادرون علي إفشال مخطط التهجير
*استبعاد المقاومة الفلسطينية ونزع أسلحتها وهم صهيوني لن يري النور
*تكريم المقاومة ودعمها هو الخيار الوحيد المقبول وليس التأمر عليها
*هذه أوراق الدول العربية لإفشال ودفن مخطط ترامب لتهجير الفلسطينيين
*اندلاع حرب بين مصر وإسرائيل بدعم أمريكي مستبعد تماما لهذه الأسباب
الاحتلال سيعاود حرب الإبادة علي غزة بعد تسلم أسراه وهذا هو المطلوب عربيا لوقف هذا العدوان
* وجود استراتيجية عربية محددة ضروري لتجنب وضعنا تحت رحمة الأشرار
*تأسيس تحالف عربي قوي وفعال غدا ضروريا لمواجهة العربدة الصهيوأمريكية
*بدون رعاية أمريكية ودعم غربي لن يبقي الكيان الصهيوني يوماواحدا
*الفلسطينيون لن يستطيعوا بمفردهم تحرير أرضهم وانخراط العرب في المواجهة ضروري لكنس الاحتلال
قال الدكتور محمد سيف الدولة الأكاديمي المصري الخبير في شئون الصراع العربي الإسرائيلي ،إن ملفات اليوم التالي في غزة لم تحسم بعد ولا يوجد طرف قادر علي حسمها حتي لافتا إلي أن هذا الحسم يحتاج لسنوات طويلة ومعارك وصراعات طويلة .
ومضي للقول في حوار له مع جريدة الأمة الإليكترونية أن لدي الدول العربية أوراقا عديدة لإفشال مشروع ترامب للتهجير ،متي امتلك حكامنا الشجاعة والقدرة علي المواجهة ،مشددا علي أهمية وجود تحالف عربي يضم القوي العربية المؤثرة لدفن هذه المخطط المشبوه .
واستبعد الخبير في شئون الصراع العربي الإسرائيلي اندلاع مواجهة عسكرية بين مصر من جانب وواشنطن وتل أبيب من جانب واحد ،موضحا أن الطرفين لن يغامروا بالقضاء علي أهم انجاز لهم خلال 50عاما ،والمتمثل في تحييد مصر وإخراجها من الصراع .
ورجح سيف دولة الدولة استئناف الاحتلال حرب الإبادة الجماعية علي قطاع غزة فور تلم جميع الأسري ،مشيرا إلي أن عودة الحرب تضع الكرة في ملعب الوسطاء ،وخصوصا مصر وقطر بشكل يتطلب من هذه الدول وكل الدول العربية ،تجاوز دور الوسيط والقيام بدورها الحقيقي في الدفاع عن فلسطين ودحر الاحتلال
الحوار مع الخبير في شئون الصراع العربي الإسرائيلي الدكتور محمد سيف الدولة، تطرق لقضايا عديدة ،سنعرضها بالتفصيل في السطور التالي .
*ما تصور حضرتك لليوم التالي في غزة هل يتم بدون وجود حماس السلطة ام أن وجود حكومة توافق وطني لجنة استاد هو السيناريو الاقوي بدعم وحضور عربي؟
**اليوم التالى فى غزة هو موضوع متعدد الملفات؛ سلاح المقاومة وقادتها وعناصرها، الادارة السياسية للقطاع، معبر رفح، الحصار والمساعدات، الاعمار، محور فيلادلفيا، وقضايا أخرى داخل غزة وخارجها أيضا مثل الاستيطان واستباحة المسجد والاقصى وغيرها.
وبهذا الفهم فلا أظن ان أي من الاطراف قد نجح فى حسم ما يسمى باليوم التالى، وسنحتاج الى سنوات ومعارك وصراعات طويلة وعنيفة لحسم كل ملف من هذه الملفات..
كما علينا ان نتذكر ونعى جيدا ان اليوم التالى في مصر بعد حرب 1973 استغرق من الامريكان عقود من الزمان لتفكيك مصر التي انتصرت في الحرب وبناء مصر أخرى،
بناء مصر كامب ديفيد على مقاس مصالح الامريكان وامن إسرائيل وهو ما اطلق عليه في عديد من كتاباتى (الكتالوج الامريكى لحكم مصر.)
وهو ما تكرر مع منظمة التحرير الفلسطينية واليوم التالى بعد حرب 1982 واخراجها من لبنان وصولا الى اتفاقية أوسلو 1993، وكذلك مع العراق بعد احتلاله الكويت وهكذا.

*كيف نواجه هذه المساعي بشكل محدد ؟
والمطلوب او الجديد هذه المرة انه يجب ان يكون لنا نحن أيضا “فلسطينيين وعرب” تصوراتنا واستراتيجياتنا المحددة عن يومنا التالى، حتى لا نترك مصائرنا كالمعتاد تحت رحمة كل اشرار العالم.
*صعدت أطراف عربية من ضغوطها علي حماس للانسحاب من المشهد لصالح القضية كأنهم يسعون لتحقيق ما فشل فيه نتنياهو بعد حرب دامت أكثر من 500 يوم ؟
**الحقيقة ان السؤال الواجب توجيهه هو لمثل هذه الأطراف العربية التى تتبنى الموقف الإسرائيلي لعزل حماس، نريد أن نسألهم جميعا:
منذ متى تقوم الشعوب والأمم بعزل قادتها وزعمائها الذين دافعوا عن الأوطان وواجهوا الأعداء وقدموا كل هذه الاعداد من الضحايا والشهداء.
منذ متى تقوم الشعوب بالخضوع الى اعدائها ومحتليها وتنفيذ شروطهم وتعليماتهم بتسريح جيوشها ونزع سلاحها؟ .
على سبيل المثال، هل كان يمكن ان نقبل بأى حال من الأحوال عزل قادة الجيش الذى قاتلوا إسرائيل في 1973 مثل الشاذلى والجمسى عقابا لهم على قتالهم لإسرائيل أو نزع سلاح الجيش المصرى لأنه قاتل إسرائيل وتحدى الامريكان .
أو نقوم بعزل عبد الناصر بعد تأميم قناة السويس والعدوان الثلاثى حتى بعد 1967 تمسك المصريون بعبد الناصر لانه رفض الاستسلام رغم الهزيمة الفادحة.
*هذا النهج يستند بالطبع لسوابق تاريخية ؟
وفى عام 1882 قام الخديو توفيق بتسريح الجيش ومحاكمة وسجن ونفى احمد عرابى عقابا له على ثورته وعلى قتاله لجيوش الاحتلال البريطاني فذهب توفيق الى مزبلة التاريخ وتم تخليد اسم احمد عرابى في وجدان كل أجيال المصريين.
وفى 1919 ثار الشعب المصري بعد اعتقال الانجليز لسعد زغلول، بسبب مطالبته للمندوب السامي البريطاني بضرورة مشاركة مصر في مؤتمرات التسوية بعد الحرب العالمية الأولى … فتحول الى الزعيم الأوحد للمصريين وظل كذلك الى ان توفاه الله وبعيدا عن مصر والعالم العربى..
هل قام الفرنسيون بعزل ديجول الذى قاوم الاحتلال الألماني في الحرب العالمية الثانية.. ام قاموا بتمجيده وبانتخابه رئيسا وزعيما لفرنسا.
وقل مثل ذلك عن هوشى منه في فيتنام بعد انتصاره على الامريكان، وستالين في الاتحاد السوفيتى بعد انتصاره على هتلر، وماو تسى تونج في الصين بعد ثورته الكبرى ونجاحه في تحرير الصين وتوحيدها
وكذلك الخومينى في ايران بعد القضاء على الشاه وطرد الأمريكان واتاتورك في تركيا بعد الحرب العالمية الاولى لنجاحه في طرد الجيوش الإنجليزية والفرنسية والإيطالية واليونانية من تركيا والأمثلة كثيرة.
ولم يحدث في التاريخ ان تم حل الجيوش الوطنية وتسريحها إلا بعد الاحتلال والهزائم الكبرى مثلما حدث في العراق بعد الغزو الأمريكي.
*في هذا السياق ما الشكل الأفضل للتعامل مع المقاومة؟
** الشعوب تمجد ابطالها وقادتها الذين يقاتلون الأعداء ويدافعون عن الأوطان ويتصدون للمخاطر والتهديدات.
وفى الأرض المحتلة فان المقاومة هى جيش فلسطين هناك الذى يقاتل الاحتلال منذ ما يزيد عن 35 عاما، بعد أن رفعت السلطة الفلسطينية الراية البيضاء لإسرائيل.
فهل نأتى اليوم ونطالب بعزل المقاومة ونزح سلاحها وعقاب مقاتليها الذين تصدوا لحرب الإبادة الاجرامية بدلا من ان نكرمهم و ندعمهم وندافع عن شرعيتهم بل ونقوم بإعادة تسليحهم.
هل سنقبل على آخر الزمان ان نتحول الى أدوات يستخدمها اعداؤنا لإملاء شروطهم وتنفيذ مخططاتهم وفرض هيمنتهم على فلسطين ثم علينا جميعا لا أظن ان هناك أي عربي شريف يمكن ان يقبل بذلك.
*أعلنت العديد من الدول العربية رفضها لسيناريو التهجير الذي طرحه ترامب وهناك حراك عربي حاليا لطرح خطة عربية بديلة .. في ظل هذا الحراك؟ .
**قد ينجح ترامب فى تحقيق ما يريده وتنفيذ مخططه فيما لو تملك الخوف منه الحكام العرب، وقرروا الاستسلام والخضوع له، وجبنوا عن استخدام ما لديهم من اوراق كثيرة لإجباره عن التراجع عن مخططاته المجنونة والاجرامية.
ومن هذه الاوراق على سبيل المثال وليس الحصر: التهديد باتخاذ قرارات عقابية ضد الولايات المتحدة، فى ملفات النفط والقواعد العسكرية الأمريكية فى الدول العربية والتسهيلات اللوجيستية لقواتها فى الممرات المائية والمجالات الجوية العربية،
*هل هناك أوراق أخري قادرة علي إفشال هذا المخطط؟
وأيضا ملفات المنتجات الامريكية فى الأسواق العربية وعلى رأسها بالطبع تجميد استيراد السلاح الأمريكي.، ووقف التعامل بالدولار،
وقبل كل ذلك التلويح بالانسحاب من كل معاهدات السلام والتطبيع مع إسرائيل وعلى راسها كامب ديفيد ووادى عربة ثم ما يعرف باتفاقيات ابراهام.
وهناك ايضا إدخال تغييرات جوهرية على السياسات والتحالفات الخارجية للدول العربية فى مواجهة النفوذ والهيمنة الأمريكية فى المنطقة.
ولكن كل ما سبق وغيره يتطلب تأسيس تحالف عربى رسمى بين الدول الاكثر تأثيرا ونفوذا في المنطقة وعلى رأسها مصر والسعودية.
*تعالت علي الأصعدة الإعلامية حاليا نذر الحديث عن مواجهة عسكرية بين مصر وأطراف إقليمية ودولية هل تبدو هناك اي احتمالات لحدوث هذه المواجهة ؟
*لا أتوقع حدوث ذلك، لأنه لا يعقل ان يكون الأمريكان والإسرائيليين بكل هذا الغباء، بحيث يضحون بأكبر انتصار استراتيجي قاموا بتحقيقه فى المنطقة بعد الحرب العالمية الثانية حين نجحوا فى انتزاع مصر من عالمها العربى وإخراجها من الصراع ضد إسرائيل وضد المشروع الأمريكي فى المنطقة،
وقد مكن هذا إسرائيل من الانفراد بباقى الأطراف العربية وإعادة ترتيب المنطقة على مقاس امنها ومصالح الامريكان.
فلا أظن انه يمكنهم ان يضحوا بكل ذلك وان يتورطوا فى حرب مع مصر. ولذلك فان هذا هو ما يعطى الدولة المصرية ورقة ضغط شديدة القوة والفاعلية لإفشال مخطط التهجير القسرى،
وتتمثل التلويح من ناحيتها بتجميد او انهاء العمل باتفاقيات كامب ديفيد فيما لو تتراجع أمريكا وإسرائيل.
*لكن هل هناك خطوات عاجلة ينبغي القيام بها؟
**الشروع منذ الان بالدفع بأكبر عدد من القوات الى سيناء فى تحرر من القيود المفروضة عليها فى المادة الرابعة من المعاهدة، خاصة بعد ان قامت اسرائيل بانتهاك المعاهدة لاحتلال محور فيلادلفيا وحشد قوات على الحدود الدولية فى المنطقة (د) المحظور عليها وضع اى مدرعات بها.
*يحاول بنيامين نتنياهو وضع العراقيل بكل السبل أمام الدخول في المرحلة الثانية ما أهداف نتنياهو من هذه المماطلة وما هي احتمالات عودة الحرب في غزة وهل سيحظى بدعم امريكي؟
**اتصور واتمنى ان اكون مخطئا ان اسرائيل وبتحريض ودعم أمريكي ستعاود حرب الإبادة بعد ان تقوم باسترداد كل رهائنها، وهو ما سيضع الوسطاء العرب فى موضع بالغ الحرج، حيث انهم من قاموا بالوساطة والتوقيع وضمان اتفاق وقف اطلاق النار.
واتمنى ان يكونوا على استعداد لاتخاذ مواقف جادة وصارمة فى حالة انتهكت إسرائيل الاتفاق وعادت للحرب، وان يتوقفوا عن القيام بدور الوساطة فقط ليقوموا بأدوارهم الحقيقية كأطراف أصيلة فى الصراع العربي ضد الكيان الصهيوني،
وعليهم أن يبدأوا فى طرح مصالحهم وشروطهم فيما يسمى باليوم التالي، ليس فقط دفاعا عن القضية الفلسطينية وعن بقاء الشعب الفلسطينى فى ارضه وإعادة اعمارها،
ولكن قبل ذلك وبعده للدفاع عن أمنهم القومي ومصالحهم العليا فى مواجهة مشروعات الاستعباد الامريكية والتمدد الإسرائيلي..

نتنياهو وسموتريش
* يمر الكيان الصهيوني بسيناريو هو الأصعب في تاريخه حيث أخفقت آلته العسكرية في تحقيق الحرب في غزة وهناك تفسخ سياسي وتصاعد الانقسامات في صفوفه ومشكلات أمنية غير مسبوقة ؟
**مصير الكيان الصهيونى مرتبط بعاملين أساسيين، الأول حاضر وقوى هو الرعاية والحماية الغربية بقيادة الولايات المتحدة. فبدون الامريكان لا يمكن ان تبقى “اسرائيل”.
والعامل الثاني وهو العامل الغائب او فلنقل الفريضة الغائبة وهى صحوة الامة كلها واشتباك كل الشعوب العربية في مواجهة مباشرة مع كيان الاحتلال، اشتباك حرب شعبية طويلة وليس مجرد حرب اسناد.
وغير ذلك فان الكيان الصهيوني باق ولن تؤثر فيه أي انقسامات او عوامل داخلية مهما بلغت حدتها طالما استمرت الرعاية والحماية الخارجية من الغرب الذى اسس اسرائيل لتكون قاعدته العسكرية والاستراتيجية فى بلادنا.
*كيف تري مستقبل القضية الفلسطينية وهل تعود للتواري مجددا ام ستقفز إلي صدارة المشهد؟
*ان طوفان الأقصى هو معركة القرن الفلسطينية، فلا اظن ان هناك جيلا من أجيال المقاومة الفلسطينية التي لم تتوقف منذ قرن، استطاعت أن توقع كل هذه الخسائر البشرية والمادية وكل هذا الزخم العالمي كما فعل جيل طوفان الاقصى.
وهو ما ينطبق كذلك على الحجم المهول للشهداء والضحايا والدمار، فلم يكن فى الامكان ابدع مما كان كما يقولون.
ولكن رغم ذلك فان هناك حقيقة واحدة مؤكدة عن مستقبل القضية الفلسطينية بعد طوفان الأقصى وبعد كل طوفان اقصى، وهى انه لا أمل فى تحرير فلسطين الا بحرب تحرير شعبية شاملة، الا بمقاومة عربية وليس بحركات مقاومة فلسطينية منفردة حتى لو قامت بدعمها جبهات إسناد أخرى مع تقديرنا للبنان واليمن.
*ما المطلوب من الفلسطينيين لوضع القضية علي الطريق الصحيح؟
**فلسطين لا يمكن أن تتحرر من داخلها فقط مهما قدم الشعب الفلسطينى من مقاومة وتضحيات.
وما يفعله هذا الشعب العظيم ويجب ان يستمر فيه هو إبقاء القضية حية الى ان تتغير الظروف وتدرك شعوب الامة ان هذا هو السبيل الوحيد وتعقد العزم على الاشتباك المباشر مع العدو الذى يهدد الجميع. انه حلمنا الكبير الذى لم يتحقق بعد.