صفوت بركات يكتب: اللهم ارحم من أطلق الطُّوفان
كلّ المخلصين من علماء الأمّة اليوم يترحَّمون على مَن أطلق الطّوفان، لأنّه أطلق التّجديد، وليس النّصر، ذلك أنّ التّجديد سينتشر وسيتوسع، وسيكبُر، ويعظم، ويشمل الأمّة كلّها؛ وهو حدث القرن وكلّ قرن، ولن يَشُكَّ أحدٌ في العالَمِين أنّ هذا التّجديد أكبر وأعظم من صورة النّصر الذي لازال الجميع يتهوّك في قبوله أو إنكاره. وحتى مَن قَبِل النّصر ورضي به لا يدرك ما الّذي انطلق أعظم من النّصر؛ والذين ينكرونه لازالوا في غفلة مما ينتظرهم في قادم الأيّام.
فالتّجديد هو أكبر من نصر!
إنّ الماهيّات للمصطلحات التي بعِثت من تحت الرُّكام في خضم تجربة اشترك فيها أجنّة وأطفالٌ وشيوخٌ وعجائزُ وشبابْ وذكورٌ وإناثٌ، لتُعيد تجديد هذا الدّين على الوجه الذي نزل يوم نزل، وفي ظلّ رعيله الأوّل.
وما كانت تنبعث ببريقها ولمعانها من جديد ولو أنفِقَت عليها ميزانيّات الأرض في حشد المجامع الفقهيّة العالميّة، وتوفُّر لها الوقت وكلّ ما يلزم لإعادة ضبط المصطلحات التي لا يقوم الدّين إلا بها ولا مهايتها وتعريفها التي يجب أن تشيع في الأمّة لبعثها من جديد؛ وشاء الله ألّا تولَد تلك المصطلحات وماهيّتها وإعادة تعريفها إلا بوقائع مادّيَّة محسوسة، وان كانت كريهة، واختلط التّجديد لها بالدَّم والعظم والرّكام والخيانة والتّمالؤ والخذلان.
وكأنّه ليس هناك سبيل للتّجديد إلا بالوقائع الحيّة فقط، واستحالة التّجديد أن ينبثق من مجامع فقهيّة أو جامعيّة أو مؤسّسات دينيّة حرّة مستقلّة أو مؤمّمة للنُّظم والحكومات.
ولو يَعلم الغرب والنّظُم العربيّة العميلة أنّ ما سلكوه سيعيد بعثٌ وتجديدٌ للدّين بهذه الصّورة، لكان لهم سبيل آخر ولكن القوم لا يفقهون كما قال عنهم ربنا -سبحانه وتعالى-، ولكن المنافقين لا يفقهون!