مقالات

ضربة إيران للكيان الصهيوني بين المشروع الإيراني والدور التركي ومحنة غزة

بقلم: عبد المنعم منيب

ضربة إيران ضد إسرائيل لطيفة جدا، فلها موعد معروف أعلن عنه إعلام الولايات المتحدة مسبقا وأغلقت عدة دول مطاراتها وفقا للموعد بما فيها إيران، وأعلنت إسرائيل عن بدء الهجوم الإيراني فور انطلاق المسيرات والصواريخ من داخل أراضي إيران، فقالت إسرائيل: «مسيرات وصواريخ إيران انطلقت وننتظرها لنصدها عندما تصل»، ثم بعدها طلبت إسرائيل من شعبها الخروج من الملاجئ قائلة أن: «الهجوم الإيراني انتهى».

أي أحد يضرب عدونا فكلنا معه ولكن نريد أن نفهم كيف أن ضربة إيران ضد إسرائيل استخدمت نحو 300 مسيرة وصاروخ من أنواع ثقيلة ثم لا تخدش صهيوني واحد في إصبعه حتى؟!!

وكتب أحدهم على موقع “X” (تويتر سابقا):

إيران بكل قضها وقضيضها وبترولها وأذرعها بالعراق واليمن ولبنان لم تؤلم إسرائيل كتلك الثلة من المؤمنين المرابطين في غزة تحت الأرض بأسلحتهم البسيطة وامكانياتهم المتواضعة 6 شهور من الحرب وكل يوم المقاومة تسطر صفحات من البطولة، لا نامت أعين الجبناء.

قوات الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا اشتركت في التصدي لضربة إيران ضد إسرائيل انطلاقا من قواعدها في المنطقة العربية والبحر الأحمر وشرق البحر المتوسط، بينما عندما هاجم الحوثي دولة الإمارات العربية والمملكة العربية السعودية وعطلوا استخراج النفط السعودي لأيام لم تتصد لهم قواعد الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا في منطقة الخليج العربي ولا البحر الأحمر، فهل فهمنا القواعد الغربية موجودة لمن؟؟ لحماية إسرائيل وليس العرب.

كنا نتمنى أن ضربة إيران تجرح إسرائيل لكن على كل حال فالكيان الصهيوني (اتمرمط) معنويا وظهر للجميع أنه كان ومازال ذليلا ولا حياة له إلا بحبل من أوروبا وأميركا الشمالية وهذا أمر جيد إجمالا.

ضربة إيران أضرت بإسرائيل ولكن تحت سقف حسابات النظام الدولي، فعند خرق الحسابات فالطرف الذي خرقها سيتم سحقه كما حدث مع داعش والقاعدة ونحوهما، وإما تندلع حرب عالمية وده متوقع حاليا بسبب فلسطين وأوكرانيا وتايوان.

إيران وتركيا تكافحان للاستقلال عن النظام الدولي الذي يهيمن عليه الغرب الصهيوصليبي لكن بتدرج ودون صدام معه وبالانحناء له أحيانا.. لكن هل هذا مسلك سليم أم خاطئ؟؟؟

تختلف الآراء ولكن لتعرف الصواب فقارن إيران بين 1980 واليوم وقارن تركيا بين 2002 واليوم لترى ماذا تحقق بسبب هذه السياسة.

إيران رغم نجاحها في تصنيع أسلحة متوسطة الفاعلية تناسب أهدافها في الهيمنة الإقليمية والتأثير الدولي ورغم هيمنتها على العراق وسوريا ولبنان ونصف اليمن إلا إنها فاشلة في مجال التنمية الاقتصادية وإدارة الاقتصاد الكلي فهي لم تنجح في إبداع نظرية وممارسة لتنمية اقتصادية شاملة ناجحة

أقطار الخليج العربي لديها وفرة اقتصادية ليس لأنها تطبق إبداعا اقتصاديا منقطع النظير ولا لأنها لم تدخل في حروب مع إسرائيل لكن لأنها رزقها الله وفرة في النفط والغاز وهذه الوفرة ليست وليدة اليوم بل بدأت في أول سبعينات القرن العشرين الميلادي وزادت جدا بسبب حرب أكتوبر 1973 لأن حرب أكتوبر 1973 رفعت أسعار النفط جدا إذ رفعت سعر البرميل الواحد من 3 دولار تقريبا الى 30 دولار تقريبا.

غزة مستمرة في الصمود ضد عدوان إسرائيل للشهر السابع على التوالي رغم أن أوروبا وأميركا تدعم إسرائيل بالسلاح والجهد العسكري والاستخباراتي، في حين أن زعيم القومجية العرب لم يصمد بجيشه الجرار إلا 4 أيام في حرب 1956 و 6 أيام في حرب1967 رغم امتلاك الزعيم في الحالتين أكبر وأقوى جيش عربي وكان الأحدث تسليحا وقتها، ومازال القومجية يمجدوه ويعتبروه الزعيم الملهم والزعيم الذي لا مثيل له، أفلا يعقلون.

حرب غزة أظهرت لي توجهات وآراء بعض من أتباع إيران العرب فظهر من بعضهم الضرب في سياسات تركيا وأردوغان مما أبرز قلق هذا المحور الإيراني من مشروع تركيا ولكن لو أن إيران أكثر استقلالية عن النظام الدولي من تركيا لضربت إسرائيل ضربة حقيقية وليس ضربة محسوبة ومخففة جدا بعوامل كثيرة، فالكل تحت سقف النظام الدولي الصهيوصليبي الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية.

 وحتى ذيول حلف الاعتدال العربي يتفقون مع محور إيران في الهجوم على تركيا وأردوغان رغم عداء حلف الاعتدال العربي مع المحور الإيراني ورغم أن الحلف أيضا لا يخرج عن السقف الصهيوأمريكي.

إن دول العالم كله بما في ذلك روسيا والصين يسيرون بدرجات متفاوتة تحت سقف الهيمنة الصهيوصليبية على النظام الدولي ولكن هناك فرق بين من هو يسير تحت هذا السقف ويداري ويناور كي يتمكن من التحرر منه والاستقلال عنه وهناك من يسير تحته مستمتعا بالعبودية وراضيا للعيش أبدا في قيدها.

وعلى كل حال فإن لكل دولة تكتيكاتها المختلفة في معاندة النظام الدولي الصهيوصليبي، ففي موازين القوة الشاملة نجد أن الصين أقوى من روسيا ألف مرة لكن مواجهتها للولايات المتحدة وحلفائها أهدأ من روسيا وغير متعجلة، وهي في ذلك بالضبط مثل تركيا، إذ نجد أن تركيا أقوى من إيران اقتصادا وتكنولوجيا وتسليحا مائة مرة لكنهما مختلفان في أسلوب التمرد على النظام الدولي الصهيوصليبي.

أثناء تبييض هذه الفقرات لنشرها كمقال متكامل حدثت فرقعات بسيطة في سماء أصفهان في دولة إيران وهي تبدو مجرد فرقعة فارغة كي تدعي إسرائيل أنها «ردت على الضربة الإيرانية ضدها ليلة السبت الماضي والموضوع انتهى»، ومن هنا فلن تحتاج إيران للرد لأنه لم يحدث هجوم حقيقي- (بل أعلنت إيران فعلا أنه لم يحدث أي هجوم ضدها في حين أصرت إسرائيل على أنها هاجمت إيران فعلا) -.. وهكذا يكون الطرفان قد حفظا ماء الوجه لكليهما وتجنبا الدخول في مواجهة دامية لا يريدها الطرفان ومن ورائهم المنظومة العالمية الصهيوصليبة بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية.

المنطقة تشهد تغيرات كبرى وتركيا وإيران وإسرائيل وأميركا لكل منها مشروعها وتتنافس فيما بينها، فما مشروع العرب؟!

العرب فريقان:

 الفريق الرسمي وهو الحكام ومؤيدوهم ومشروعهم لا يخفي على أحد.

 والفريق الثاني هو فريق الشعوب ورغم أنهم الأكثرية العددية إلا أن واقعهم كما قال الشاعر:

لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم…ولا سراة لهم إذا جهالهم سادوا

عبد المنعم منيب

كاتب صحفي وباحث في السياسة والدراسات الإسلامية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى