طوفان الأقصى : هكذا  قلبت غزة الطاولة على سجانيها ولهذا يلعب نتنياهو بالنار

الصحفي ديفيد هريست  كبير المحررين في موقع “ميدل إيست أي ” حمل من خلال تقرير له المسؤولية عن هجوم نهاية هذا الأسبوع “طوفان الأقصي “إلي كل الأطراف  الذين توقفوا منذ فترة طويلة عن التفكير في الفلسطينيين كشعب بشكل دفع  المسلحون الفلسطينيين لمفاجأة الجميع بالهجوم علي المستوطنات واحتلالها  المستوطنات، ووسحق المستوطنين الذين دأبوا لعقود طويلة علي إرهاب القرويين الفلسطينيين.

ووافاد هيرست في التقرير الذي ترجمه “موقع الأمة الإليكتروني ” بأن  سكان سديروت ظلوا يختبئون في أقبية منازلهم ويتساءلون متى سيأتي جيشهم لحمايتهم، بدلا من سكان حوارة أو نابلس أو جنين، الذين يعانون من الصدمة الليلية بسبب هجمات المستوطنين وغارات الجيش الإسرائيلي حيث احتجز مسلحون فلسطينيون العشرات من الجنود والمدنيين الإسرائيليين، الذين يتواجدون الآن في الأقبية في جميع أنحاء غزة.

ونبه هيرست بأنه لا ينبغي لأحد أن يتذمر من هذا. لقد قُتل مدنيون أبرياء؛ وأصيبت الأمهات الحوامل بالرعب، ومات أطفال. ووقع الهجوم على أي شخص صادف وجوده في طريقه، بغض النظر عن السياسة أو الجنس أو العمر قائلا :أعرف امرأة معارضة بشدة للانتصار القومي الديني اليميني، ومؤيدة قوية لحقوق الإنسان للفلسطينيين، تم جرها إلى قبو في غزة

واستدرك قائلا :لكن المشاهد التي فقد العالم صوته عنها ليست هذه المشاهد.. إنها لجنود إسرائيليين ينقلون الفلسطينيين ليختفوا لفترات غير محددة من الاعتقال الإداري في السجن.

واشار إلي الوضع علي الأرض قائلا :من الممكن أن يكون هناك، وفقا لآخر التقارير، ما يقرب من 100 أسير الآن في غزةحيث  تكبدت قوات الجيش والشرطة الأفضل تجهيزاً في الشرق الأوسط خسائر لم يسمع بها من قبل – آخر حصيلة، بما في ذلك المدنيين، هي 600 قتيل وأكثر من 1500 جريح – حيث تم محاصرةهم في معارك مسلحة محتدمة من شارع إلى شارع في القرى والبلدات المحيطة بغزة

فشل استخباراتي هائل

ولم يتجاهل تقرير هيرست القول :هذه هي المرة الأولى التي نشهد فيها مثل هذه المشاهد منذ حرب عام 1948 التي أدت إلى النكبة الأولى ودولة إسرائيل. إن هذه المشاهد أسوأ بكثير بالنسبة للإسرائيليين من الحرب العربية الإسرائيلية عام 1973، والتي اندلعت قبل خمسين عاماً تقريباً.

وبدوره قال المحلل الإسرائيلي المخضرم ميرون رابوبورت لموقع ميدل إيست آي: “في عام 1973، قاتلنا بجيش مدرب”. «وهنا نتحدث عن أشخاص لا يملكون سوى الكلاشينكوف. إنه أمر لا يمكن تصوره. إنه فشل عسكري واستخباراتي ستستغرق إسرائيل وقتا طويلا للتعافي منه من حيث ثقتها بنفسها بل ستخبر اللقطات جميع الفلسطينيين أن المقاومة ليست قضية خاسرة في مواجهة عدو قوي للغاية”.

ونبه التقرير إلي إن اختراق السياج الأفضل دفاعًا ومراقبًة على طول أي من حدود إسرائيل، والتوغل بهذا الحجم عندما تم الاستيلاء على المقر العسكري لفرقة الجيش التي تسيطر على غزة، يمثل أسوأ فشل تعاني منه أجهزة المخابرات الإسرائيلية في تاريخها.

طوفان الأقصى
طوفان الأقصى

فقد  حققت حماس عنصر المفاجأة الكاملة. لقد أصيبت وحدة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية الشهيرة 8200 ـ وهي الوحدة القادرة على سماع كل المكالمات الهاتفية التي تجري في غزة ـ بالصدمة، كما أصيب جهاز الأمن الداخلي الشين بيت.

 

ويتساءل الإسرائيليون كيف أخطأ جيشهم إلى هذا الحد، إذ أفادت التقارير بنشر 33 كتيبة في الضفة الغربية المحتلة لحماية المستوطنين، في حين ترك الحدود الجنوبية عرضة للهجوم.

كل هذا أثاربحسب هيرست  موجة صادمة بحجم تسونامي تجتاح أمة معتادة على أن تكون أسياد الأرض. ومرة أخرى، هم الذين يفترض بهم أن يفجروا المفاجآت، وليس رعاياهم لافتا إلي أنه قبل أسبوعين فقط لوح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة بخريطة طمس كل الأراضي الفلسطينية..

“ويعتقد هيرست  أننا على أعتاب اختراق أكثر دراماتيكية – سلام تاريخي بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية. وقال نتنياهو إن مثل هذا السلام سيقطع شوطا طويلا نحو إنهاء الصراع العربي الإسرائيلي ولم يختلف المسؤولون الأمريكيون، حيث أكد أحد كبار المسؤولين في الإدارة أن “المنطقة مستقرة كما كانت منذ سنوات عديدة”.

وتحدث عن ساسة امريكا والكيان والسعودية حول التطبيع كأنهم أصبحوا جميعًا واثقين جدًا من إخراج الفلسطينيين من هذه المعادلة، كما لو أن جميع سكان فلسطين سيرفعون في يوم من الأيام علمهم وهويتهم الوطنية، ويذعنون للتعليمات في حين مثلت الهجمات الأخيرةرسالة واضحة للغاية مفادها أن الفلسطينيين موجودون بالفعل، وأنهم ليسوا على مقربة من الانهيار ..

تسونامي في الدولة العبرية

واشار إلي خيبات الجيوش العربية في مواجهة إسرائيل قائلا :في كل مرة تم محوها كقوة مقاتلة – في أعوام 1948 و1967 و1973 وفي كل عملية منذ ذلك الحين – يعود جيل جديد من المقاتلين أقوى ولا توجد نسخة سابقة من حماس أو حزب الله أقوى من تلك التي تواجهها إسرائيل اليوم.. لقد أطلقت حماس على هجومها على جنوب إسرائيل اسم “طوفان الأقصى” لسبب وجيه للغاية. هذا الهجوم لم يأت من فراغ.

وعاد هيرست  33 عامًا إلي الوراء  بالضبط، في 8 أكتوبر 1990، حاولت مجموعة من المستوطنين وجماعة “مؤمنو جبل الهيكل”، وهي جماعة يمينية متطرفة دعت إلى طقوس التضحية في جبل الهيكل – وهو عمل يحظره كبير حاخامات إسرائيل – وضع حجر الأساس للهيكل الثالث في المسجد الأقصى

وهو ما واجه مقاومةمن  السكان الفلسطينيين في البلدة القديمة، وفتح الجيش الإسرائيلي النار، وفي غضون دقائق، قُتل أكثر من 20 فلسطينيًا، وأصيب واعتقل مئات آخرون.

ومنذ ذلك الحين، تم تحذير القادة الإسرائيليين باستمرار من ضرورة الحفاظ على الوضع الراهن في الموقع المقدس الذي تطالب به الديانتان، وفي كل عام تجاهلوا تلك التحذيرات وأداروا الأمورليس أكثر من اليوم، عندما تم اقتحام المسجد الأقصى مرارا وتكرارا للسماح للمصلين اليهود بالوصول إلى الموقع الإسلامي حيث تُحظر الزيارات والصلوات والطقوس غير المرغوب فيها من قبل غير المسلمين، وفقا للاتفاقيات الدولية

 

كانت هذه التوغلات العنيفة في السابق من عمل ما كان يعتبر بين اليهود مجموعات هامشية من المتطرفين ويقودهم الآن إيتامار بن جفير، الذي ياخذ نهجه المتطرف طابعا رسميا بعد أن  غداوزيرا للأمن الداخلي الإسرائيلي.

وتحدث هيرست عن اسباب هذا الانفجار في إشارة لطوفاتن الأقصي قائلا يوما بعد يوم، يتم بلور سياسة  تقسيم المسجد الاقصي زمنيا ومكانيا بدعم من نواب الليكود، مثل عميت هاليفي، لتقسيم المسجد الأقصى بين اليهود والمسلمين، تماما كما تم تقسيم المسجد الإبراهيمي في الخليل في التسعينيات.

ولم يسلم بن جفير، الوزير الذي يتمتع بسلطة تعيين رئيس شرطة إسرائيل، المسيحيين من سياساته الفاشية. عندما ألقت الشرطة القبض على خمسة يهود أرثوذكس بتهمة البصق على المصلين المسيحيين في البلدة القديمة في القدس، أجاب الوزير: “ما زلت أعتقد أن البصق على المسيحيين ليس قضية جنائية. أعتقد أننا بحاجة إلى العمل على ذلك من خلال التعليم والتعليم. ليس كل شيء يبرر الاعتقال

الصمت الدولي

المسمار يستمر في الدوران، سواء كان ذلك في الأقصى أو في حصيلة القتلى اليومية المروعة من الفلسطينيين، ومعظمهم من الشباب. لاحظت هيومن رايتس ووتش أن هذا العام، حتى أغسطس ، كان في طريقه لأن يكون الأكثر دموية بالنسبة للأطفال الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة منذ أكثر من 15 عاما، حيث قُتل ما لا يقل عن 34 طفلا حتى أواخر أغسطس/آب.

وقد قوبل هذا بالصمت من جانب المجتمع الدولي، الذي يركز بشدة على الطريق التجاري بين البحر الأحمر وحيفا.

المقاومة تحتفل باختراق الأراضي المحتلة

واستدرك هيرست قائلا :إذا كان أي شخص يتحمل المسئولية عن إراقة الدماء والمذابح التي ارتكبت بحق المدنيين في نهاية الأسبوع الماضي، والتي من المقرر أن تحدث في غزة، بينما يشن الجيش الإسرائيلي هجوماً برياً، فإن كل الزعماء الأجانب هم الذين يقولون إن إسرائيل تشاطرهم قيمهم كل هؤلاء القادة يسمحون لإسرائيل بإملاء سياستها، على الرغم من أن ذلك يقوض سياساتهم بشكل صارخ.

ومهما حدث في غزة في الأيام والأسابيع القليلة المقبلة ـ وقد شنت إسرائيل العنان لأعمال انتقامية وحشية، بصرف النظر عن غياب أي هدف عسكري ـ فإن حماس حققت بلا أدنى شك نصراً كبيراً.

وأظهرت اللقطات وفقا لهيرست يري العالم  الفلسطينيين وهم يعودون إلى الأراضي التي طرد منها آباؤهم. ويشكل اللاجئون 67% من سكان غزة، معظمهم من الأراضي المحيطة بغزة التي حررتها حماس مؤقتا وفي نهاية هذا الأسبوع، مارسوا بقوة السلاح حق العودة الذي أُزيل من طاولة المفاوضات قبل 23 عاماً..

ستخبر اللقطات جميع الفلسطينيين أن المقاومة ليست قضية خاسرة في مواجهة عدو قوي للغاية. وسوف يخبرهم  هذا التطور أن إرادتهم في المقاومة أقوى من إرادة المحتل.

تغير المشهد إلى الأبد

وبدا هيرست واثقا في أن المدنيين الفلسطينيين سيدفعون الآن ثمنا باهظا بينما تسعى إسرائيل إلى الانتقام التوراتي. لقد تم بالفعل قطع الكهرباء عن أكثر من مليوني شخص في القطاع ولكن ليس لدي أدنى شك في أنه بعد هذه الأحداث، لن يكون العمل كالمعتاد بعد أن أنكروا على مدى أجيال وجود النكبة، يتبنى أعضاء الكنيست الإسرائيليون الآن نكبة أخرى علنًا. وغرد أرييل كالنر قائلا: “أطفئوا العدو الآن! هذا اليوم هو بيرل هاربور الخاص بنا. وسنظل نتعلم الدروس. الآن هدف واحد: النكبة!

حمل هيرست نتنياهو المسئولية عن انفجار المنطقة واشتعال حرب إقليمية بعد دعوته  لجميع الفلسطينيين في غزة إلى مغادرة منازلهم، كما لو كان هناك مكان يذهبون إليه. مشيرا إلي أنه ذا كانت إسرائيل تريد حقاً إشعال حرب إقليمية، فإن محاولة تكرار ما حدث في عام 1948 ستكون أسرع طريقة للقيام بذلك. ولن تتسامح مصر ولا الأردن مع ذلك، وستكون اتفاقيات السلام مع إسرائيل لاغية وباطلة.

ومن شأن الحرب الإقليمية أن تشمل حركة المقاومة الأفضل تجهيزاً في المنطقة. ومن الممكن أن يكون حزب الله، الذي بدأ يوم الأحد تبادل إطلاق النار مع إسرائيل على الحدود اللبنانية، متردداً في المشاركة. ولكن يمكن أيضًا جرها إليه. ويشير حزب الله منذ بعض الوقت إلى أن التوغل البري في غزة سيكون بمثابة خط أحمر بالنسبة له.

هذا هو الانفجار الذي حذرت أنا وآخرون من أنه قادم منذ بعض الوقت. لقد قلت إنه إذا لم تتراجع إسرائيل عن مسارها وتبدأ مفاوضات جدية حول حل عادل لهذه الأزمة يمنح الفلسطينيين حقوقا مساوية لليهود، فسيكون هناك رد. لقد حدث ذلك الآن. عندما ينتهي الأمر، لن يكون المشهد هو نفسه.

وخلص هيرست في نهاية تقريره للقول :إن مسئولية ما حدث خلال عطلة نهاية الأسبوع تقع على عاتق كل أولئك الذين خدعوا في الاعتقاد بأن الأجيال المتعاقبة من القادة الإسرائيليين يمكن أن تفلت من فعل ما تشاءحيث تقع المسئولية على عاتق كل أولئك، بما في ذلك معظم الطغاة العرب، الذين توقفوا عن التفكير في الفلسطينيين كشعب. وسيتعلم كل منهم درسا مؤلما في الأسابيع والأشهر القادمة.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights