عامر شماخ يكتب: القضيّةُ الفلسطينيّةُ.. فتاوَى شرعيّةٌ [3]
أما الدكتور «يوسف القرضاوي» فقد أفتى بحرمة من يشتري بضائع الصهاينة والداعمين لهم بقوله: (إن كل من اشترى البضائع الإسرائيلية والأمريكية من المسلمين فقد ارتكب حرامًا، واقترف إثمًا مبينًا، وباء بالوزر عند الله، والخزي عند الناس)، وتبنى «الأزهر الشريف» هذا الرأي في كل مراحل القضية، وكذلك «دار الإفتاء المصرية».
وأكد «الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين» مرارًا وجوب المقاطعة، وفي آخر فتوى له، والصادرة يوم الثامن من نوفمبر عام ألفين وثلاثة وعشرين، أكد (أنها تضعف العدو، وتضغط عليه شعبيًّا، وتفوّت مصالحه الشاملة، وهي نوع من الجهاد المبرور، ومن الميسور المقدور عليه).
واتفق علماءُ الأمة ومجامعُها العلمية ومؤسساتها الدينية على وجوب نصرة الشعب الفلسطيني، وإعلان الجهاد لرفع الظلم الواقع عليه من عدو كافر لا يرقب في بنيه إلًّا ولا ذمّة، وقد عُلمت عداوتُه بنص الكتاب والسنة؛ فأفتوا بوجوب إخراج العدو من أرضنا بكل ما استطعنا من قوة، وليس لأحدٍ عذرٌ في التخلّف عن الجهاد بكلّ الوسائل.
وهذا ما أكدته عشرات الفتاوى على مدار خمسة وسبعين عامًا، ومنها فتوى علماء الأزهر الصادرة عام سبعة وأربعين على أثر قرار تقسيم فلسطين، والتي جاء فيها: (فليبذل كل عربي وكل مسلم في أقصى الأرض وأدناها من ذات نفسه وماله ما يردّ عن الحِمى كيد الكائدين، وعدوان المعتدين، سُدُّوا عليهم السبل، واقعدوا لهم كل مرصد، وقاطعوهم في تجاراتهم ومعاملاتهم، وأعدوا فيما بينكم كتائب الجهاد، وقوموا بفرض الله عليكم، واعلموا أن الجهاد الآن قد أصبح فرض عين على كل قادر بنفسه أو ماله، وأن من يتخلف عن هذا الواجب فقد باء بغضب من الله وإثم عظيم).
ولا يخفى على أحدٍ ما يعانيه المسلمون في فلسطين من آلام وقتل وتشريد، بسبب توالي الاعتداء الغاشم عليهم من اليهود، ولا يخفى أيضًا حاجتهم إلى الكساء والطعام والدواء؛ ولذا فإن من الواجب على المسلمين المسارعة إلى نجدتهم ومدِّ يد المساعدة لهم، والوقوف معهم في محنتهم حتى يتمكنوا من مقاومة عدوِّهم الذي يملك العدة والعتاد.
وقد أفتى علماؤنا بأنه (سيبقى المسلمون في دائرة الإثم ما بقي أسيرٌ واحدٌ من إخوتنا في فلسطين في سجون الاحتلال؛ إذ على الأمة أن تقوم باستنقاذهم بكل السبل المشروعة كالقتال والتفاوض والمفاداة بأسرى العدو لدينا أو بالمال، وإنّ بقاء أسير واحد لدى العدوّ هو من موجبات الجهاد؛ لقول الله تعالى: «وَمَا لَكُمْ لا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيّاً وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا»).
واتفق الفقهاءُ على أن إغاثة الحيوان غير المؤذي من الهلاك واجبة، فكيف بالإنسان؟ بل كيف بالمسلم؟ فوجبَ إغاثة المضطر إلى الطعام والشراب بما يحفظ عليه حياته، وذلك واجبٌ كفائيٌّ على القادرين، فإن قام به أحدهم سقط عن الباقين، وإلَّا أثموا جميعًا، وأما الذي يمنع عن المضطر ما يقيم حياته مع علمه بأن المنع يؤدي إلى الهلاك؛ فالمانع في حكم القاتل العمد يجب فيه القصاص.
وأفتى علماؤنا بحُرمة هجرة المسلم من أرض فلسطين؛ بل يجب عليه الصبر والثبات؛ لأنه في رباط، ولانتفاء الحكمة التي كانت سببًا في مشروعية الهجرة، وهي أن يُفتن في دينه؛ ولأن في تركه لبلده فرصة لليهود الذين يخططون لأجل هذه اللحظة، فإذا ما أراد العودة منعه اليهود من ذلك؛ لذا فإن في الرباط إفشالًا لمخططات العدو وإفسادًا لمشاريعهم التوسعية الباغية.