عامر شماخ يكتب: «زحفُ الإسلامِ ومستقبلُ المسيحيينَ العربِ»
أبحاثٌ ودراساتٌ عديدة تابعة لجهات علميةٌ موثوقة أكدت أن الإسلام هو الديانة الأسرع انتشارًا ونموًّا، رغم ضعف وهوان المسلمين، ومن المتوقع -بناء على المؤشرات الديموجرافية للديانات- أن يصبح الإسلام هو الديانة الأولى في العالم بحلول عام 2070، سابقًا المسيحية التي تحتل المركز الأول الآن؛ إذ سوف يتخطى عدد المسلمين حينها الثلاثة مليارات شخص، وأكد بعض هذه الدراسات أن المقبلين على الإسلام غالبيتهم من الشباب، وأن التحوّل اللافت إلى الإسلام منذ مطلع هذه الألفية تشهده القارة الأوربية العجوز، موطن المسيحية.
وأسباب التحوّل إلى الإسلام عديدة، فهو الملّةُ الحق التي أكمل الله بها الدين وختم الرسالات، وقد تكفّل المولى –سبحانه- بحفظه وإظهاره، فمهما كِيْدَ له فإنه غالب منتصر؛ (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) [التوبة: 33]، وهو دين الفطرة التي فطر الله الناس عليها، ودين الأخلاق والقيم، والطهر والسماحة، ودين الحق والقوة والحرية، به تسمو الأرواح وتستقيم العقول؛ ولأنه يمجِّد العلم، ويقيم العدل، ويشيع السلام، ويقوِّي الوشيجة الإنسانية…
وقد وصفه المنصّر السابق «ناجيمو راموني» بقوله: (إن الإسلام هو أعظم الأديان ملاءمة لجيلنا المتحضر ولكل جيل، فالإسلام لا يفصل بين الدين والدنيا بحيث تتحول الحياة إلى طريقين مختلفين تمامًا، وهذا يشكّل خلاصة الأزمة المعاصرة للإنسان، لقد اعتنقت الإسلام لأنه دين طبقات الناس جميعًا، كبيرها وصغيرها، غنيها وفقيرها، دين الأحرار والعبيد، والسادة والمسودين).
والمبشّرات بانتشار الإسلام وردت في كتابنا الكريم وفي أبواب عدة من السنة؛ (يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ) [الصف: 8]، ويقول النبي ﷺ: « إن الله زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها وإن ملك أمتي سيبلغ ما زُويَ لي منها»، «ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين بعزِّ عزيزٍ أو بذلِّ ذليلٍ، عزًّا يعز الله به الإسلام، وذلًّا يذل الله به الكفر».
وفي ظل زحف الإسلام المتواصل يتحوّل الكثير من أبناء الأقليات الدينية الأخرى في منطقتنا العربية إليه، خصوصًا المسيحيين الذين يمثلون أكبر هذه الأقليات، وعلى رأسهم مسيحيو مصر. ورغم دخول الملايين في الإسلام حول العالم من دون ضجيج؛ فإن الأقليات العربية تجأر بالصراخ مدعية تعرّضها للاضطهاد للتنازل عن دينها، وهذا عكس واقعها تمامًا، إنما هذا الفزع يأتي من هاجس انقراضهم إذا استمر زحف الإسلام على هذه الوتيرة، ويزداد هذا الهاجس إذا ما توقعوا مجيء حكومات وأنظمة ديمقراطية تحلّ محلّ الأنظمة والممالك المستبدة القائمة والتي تستخدمهم كورقة ضغط على الشعوب ومغازلة العالم الخارجي بإعطائهم المزيد من الامتيازات.
ففي الحالة المصرية –نموذجًا، يتمتع الأقباطُ بجميع حقوق المواطن المصري، دون أدنى انتقاص، بل لا نبالغ إذا قلنا إنهم صاروا فئة متميزة عن سائر الشعب، فعلى الرغم من أن نسبتهم لا تتعدى الـ4% من تعداد السكان إلا أنهم يملكون ما يقرب من ربع اقتصاد البلد ويحتكرون امتيازات أخرى دون المسلمين، فهم يملكون 20% من شركات المقاولات، 29% من عدد رجال الأعمال،20% من وظائف المديرين بقطاعات النشاط الاقتصادي، 20% من المستثمرين في المدن الصناعية.. إلخ.
«والواقع يقول إن الكنائس مفتوحة على مدار النهار والليل، والمساجد تغلق عقب الصلاة! ومنبر الكنيسة حر كل الحرية، ومنبر المسجد مؤمم، لا يرقاه إلا من ترضاه وترضي آراؤه (الأجهزة)، والشباب القبطي المتدين ينام في بيته آمنًا، ونظيره المسلم يعيش في رعب قوائم (الاشتباه)، وأروقة الكنائس مفتوحة أمام التبتل النصراني -وحتى الرهبنة- بينما الشباب المسلم إذا أراد الاعتكاف بالمسجد في رمضان لا يتاح له ذلك إلا إذا تقدم بصورة البطاقة إلى «الأجهزة» التي تضعه فورًا في القوائم المرشحة لما يعرفه الجميع، وأوقاف الكنائس قائمة، وفي نمو -وهي تحفظ لها استقلال الموقف والتوجه والقرار- بينما أوقاف المساجد والأزهر ومؤسسات الخير الإسلامية، قد أُممت، واغتالتها البيروقراطية الحكومية، واغتالت معها حرية هذه المؤسسات في التوجه والقرار»
[د. محمد عمارة، في المسألة القبطية: حقائق وأوهام].
أما الهاجس القبطي سالف الذكر فيزيده الواقع الذي يشهد تحوّل العشرات إلى الإسلام في اليوم الواحد، ويُقدر في العام بما يزيد على (50 ألف شخص)، حتى انخفضت أعدادهم في الإحصاء الرسمي لعام 1912 من (8.3%) من عدد السكان إلى (5.4%) في إحصاء عام (1987) ثم إلى (4.5%) في إحصاء عام 2012؛ ما يؤكد –كما جاء على لسان أحد قادتهم- أنه لن يكون لهم وجود بعد مائتي أو ثلاثمائة سنة على الأكثر.