عامر شماخ يكتب: من يغلق معبر رفح؟ [3/ 3]
بعد ساعات من الانقلاب على الرئيس «محمد مرسى» أغلق العسكر المعبر بشكل كامل، باستثناء بعض الحالات الإنسانية، ثم قام الجيش المصري بعد أيام قليلة بهدم المباني المحاذية للحدود المصرية مع القطاع؛ بغرض إنشاء منطقة عازلة بطول الحدود المشتركة لحماية أمن «إسرائيل»، وفى سبيل ذلك تم إزالة بلدة «رفح» المصرية بالكامل، والتي يقطنها خمسة وسبعون ألف مواطن، بعد أن تم تهجير أهلها قسرًا وتدمير مساحة كبيرة من الأراضي الزراعية المحيطة بها.
ومن الإجراءات العقابية الأخرى ضد الغـزّيين إصدار قرار يقضى بالسجن المؤبد لكل من يحفر أو يستعمل نفقًا على الحدود، وفى مرحلة تالية تم إغراق الحدود بماء البحر.. في منتصف عام ألفين وأربعة عشر شنّت «إسرائيل» هجومًا كبيرًا على القطاع وبدلًا من أن يتدخل العسكر أو يطالبوا –على الأقل- بوقف العدوان، وصفت خارجيتُهم الهجوم بـ«العنف المتبادل»، وأحكمت السلطات إغلاق المعبر، ومنعت عبور وفد من الأطباء للإغاثة، واتُهم النظام حينها بالتنسيق لمواصلة الحرب على القطاع، وهو ما لم ينفهِ العسكر..
وما حدث من تخاذل مصري رسمي في حرب عام ألفين وأربعة عشر تكرر في حرب عام ألفين وواحد وعشرين، وبالإجمال: فإن الدور المصري في إحكام الحصار منذ انقلاب ألفين وثلاثة عشر لا يقل قساوةً –حسب مراقبين- عن الإجراءات الإسرائيلية في هذا الخصوص.
فضحت أحداثُ «طوفان الأقصى» ومجرياتُ الحربِ على القطاع النظام المصري الذي ساند الصهاينة في حربهم بصورة واضحة، بدءًا من التصريحات المخزية ومنها: مقترح تهجير الغزّيين إلى صحراء النقب ثم القضاء على المقاومة، أو مقترح تدشين دولة فلسطينية منزوعة السلاح ليس فيها «حماس» أو أيٌّ من قوى المقاومة -وانتهاء بإحكام الحصار على أهل القطاع حتى كادت تصيبهم المجاعة، وقد سقط منهم عشراتُ الآلاف شهداء ومصابين..
وفى حين احتجّت شعوبُ الأرض لوقف الحرب وفكّ الحصار وكفّ يد العدو عن قتل الأطفال والنساء وعن عمليات الإبادة والتطهير العرقي -بدا الموقف المصري الرسمي متواطئًا مع العدوّ؛ إذ لم يسمح النظام لشعبه الأكبر عربيًّا بمجرد الاحتجاج، كما لم يستجب للنداءات الإنسانية بفتح المعبر لإنهاء أكبر معاناة إنسانية في التاريخ المعاصر لجارٍ هو في الحقيقة خط الدفاع الأول عن الأمن القومي المصري؛ ما دفع منظمات حقوقية لرفع دعاوى ضد «مصر» لإلزامها بفتح المعبر لمرور المساعدات الإنسانية ولإدخال الإعلاميين إلى القطاع لنقل الحقيقة..
بعد عملية «طوفان الأقصى» بيومين اثنين فرضت «إسرائيل» حصارًا شاملًا على القطاع، وقامت بقصف «معبر رفح» عدة مرات، في رسالة تهديد استباقية للنظام كي لا يستجيب لأي ضغوط لفتحه، وقد استجاب النظام جُبنًا وعجزًا حتى قررت «إسرائيل» فتحه ففتحوه، ثم قررت غلقه فأغلقوه؛ ليتواصل الغلق رغم انهيار كل شيء من سبل الحياة في «غزة».