عبد الرحمن عياش يكتب: ستُهزم «إسرائيل».. والثمن كبير
ستُهزم إسرائيل في هذه الحرب. الثمن كبير وقاس، وسندفعه، كل المؤمنين بالحق والعدل والخير، بصورة أو بأخرى. لكن هزيمتنا ليست ممكنة. ليس للأمر علاقة بالمشهد على الأرض، بل بحقائق التاريخ.
تاريخيًا، منحنى المقاومة في صعود، وخطابها يتسيس ويتطور، ومصداقيتها تزيد، وحلفاؤها يكثرون، وقضيتها تتجذر، وأخطاؤها تعلّم.
استراتيجيًا، يحتاج الفلسطينيون لكيان جامع، ولعقل سياسي يبني على منجز الصمود والمقاومة. وربما تقدم هذه الحرب شرعية لأطراف جديدة تصعد لتفاوض وتقاتل.
استراتيجيًا أيضًا، تحتاج إسرائيل لأن تكون أقل عبئًا على أميركا والعالم، وإلى محيط صديق وحلفاء جدد، وإلى تبرير استثنائيتها في النظام الدولي الذي يشهد نهاية جدواه، وهو ما يستحيل مع هذه الوتيرة من الإجرام.
من كان يصدق أن مقاومة الاحتلال التي بدأت بمسدس واحد يتداوله المقاومون في غزة والضفة تصل إلى هذه القوة في ظل ظروف شديدة الصعوبة، وجلَد الأعداء وعجز الحلفاء.
ومن كان يصدق أن «جيش الدفاع»، لا يستطيع حماية أهم نقاط تماسه مع ألدّ أعدائه، وأن أذكى وحداته (سلاح المهندسين – ياهاليم) لا تستطيع تحقيق أي تقدم في حرب أنفاق تتفوق فيها عددًا وعدة وعتادًا مع حبل -مساعدة- من الناس لم ينقطع، وأن صورة انتصاره ستكون على أنقاض مستشفى ومدرسة.
من كان يصدق أن يتراجع إسحاق رابين، الذي تبنى سياسة تكسير العظام -عظام الأطفال حرفيًا- ليوقع اتفاق (سلام) يغيظ المتطرفين في إسرائيل لحد اغتياله، ومن كان يصدق أن ينسحب أرييل شارون صبرا وشاتيلا وجنين وقاتل ياسر عرفات وأحمد ياسين، من غزة بعد أن قال إن مستوطنات غزة مثلها مثل تل أبيب.
فلسطين ليست قضية إغاثية، لكن الانتهاكات التي يرتكبها الاحتلال تجمع المؤمنين بالإنسانية في صف المؤمنين بالحق والعدل، وهذا تحالف لم يتشكل بهذا الوضوح منذ تأسيس إسرائيل.
هذه حرب طويلة لم نخترها، كُتبت علينا وهي كره لنا. هناك ثمن للانتصار للحق والخير والجمال، لكن الخير يسكن المستقبل، وثمن انتصاره سيُدفع لا شك، بإرادتنا أو رغمًا عنا. لذلك فاختيار مواقعنا منها ليس دعمًا لقضية عادلة فحسب، بل إعطاء معنى لحياتنا وللثمن الذي سندفعه، وسندفعه.
هذه حرب طويلة، لكن، والله العظيم، ما بقي منها أقصر كثيرًا مما مضى، وسيشهد جيلنا نهاية نظام الفصل العنصري في تل أبيب، ونهايته نهاية فكرة الدولة التي بُنيت عليه.