عبد السلام العمري يكتب: أول محطة لتربية الأطفال

سألني شخص مثقف لماذا أصبحت التربية الصحيحة والسليمة في مجتمعنا باهتًا وغير مزدهرة؟ لماذا أصبحت التربية السليمة في مجتمعنا اليوم في حالة غيبوبة واحتضار؟
فأجبتُ له:
إحدى أهم واجبات الآباء والأمهات هي التربية الأخلاقية والروحية والتعليمية للأبناء في بيئة صحية. الأبناء في الواقع نعمة كبيرة للآباء والأمهات، وإذا قصروا في تربيتهم وبناء هيكلهم الأخلاقي، فإن هذا الابن في المستقبل سيصبح سببًا للوبال والمعاناة والألم لهم. يجب على الوالدين أن يخططوا لبناء الشخصية لأبنائهم، وأن يستشيروا المستشارين والخبراء، وأن يبحثوا عن حلول بناءة ومفيدة لتربية أبنائهم.
أول محطة تربوية لأبناء الأسرة هي الأسرة الدافئة والمحبّة. إن الأخلاق والسلوك والتصرفات للوالدين تؤثر بشكل كبير على روح ونفس وأخلاق وسلوك الأبناء. إذا كانت الأسرة أسرة دينية ومتعلمة ومثقفة، وكانت أقوال وأفعال الوالدين تتسم بالصدق والاحترام والأدب، فإن الأبناء سيستلهمون من هذين النموذجين أخلاقهم وتربیتهم وأدبهم.
في سنين أقل من سبع سنوات، تعتبر هذه فترة ذهبية جداً في تنمية شخصية الأطفال، حيث تكون قدرتهم على التأثر عالية جداً. لذلك، فإن توافق أقوال وأفعال الوالدين في بيئة المنزل يعد من العوامل الأساسية في نمو الطفل في تلك البيئة.
نتيجة الانتباه إلى السلوك الجيد هو تعزيز ذلك السلوك، وتكرار ذلك السلوك الجيد يؤدي إلى تعميقه في وجود الأطفال.
الاهتمام بتهيئة البيئة الدينية في المنزل، مثل تعليق الآيات والروايات وارتداء الملابس المناسبة داخل المنزل، يعد من العوامل التربوية المهمة.
أحد النقاط التي تمنح الأطفال الشعور بالراحة هو تواصل الوالدين مع بعضهم البعض ومع الآخرين، حيث يتلقى الأطفال سلوكيات وأقوال وآداب الوالدين كنموذج يحتذون به.
لذلك، قبل كل شيء، يجب على الوالدين أن يسعوا لبناء أنفسهم، فتصرفات وأقوال الوالدين وبيئة المنزل هي أكبر وأسرع عامل في التأثير على شخصية الطفل. إذا كان الأبوان غير ملتزمين، أو وقعوا في فخ المخدرات، أو كانت أخلاقهم وسلوكهم مشينة، فإن الأطفال الذين ينشأون في تلك البيئة سيتأثرون بهم بالتأكيد، وسيصبحون مثلهم غير ملتزمين ومدمنين على المخدرات وأعمال تتعارض مع العقل والمنطق والحياء.
هل من الحكمة أن يزرع شخص الشوك ويجني الزهور؟ هل من المعقول أن يصب شخص الماء في جرة ثم يشرب العسل منها؟ كل ما تزرعه، ستحصده.
كل مجتمع يرغب في التقدم والنمو وتسلق درجات الرقي واحدة تلو الأخرى يجب أن يلتزم قادته وأولياء أموره قبل كل شيء بقوانين ذلك المجتمع.
أرى دائماً الآباء يشكون من سلوك وتربية أبنائهم، لماذا أصبح أبناؤنا بهذا الشكل من الفوضى؟ لماذا أصبح أبناؤنا لصوصاً وقاتلين وكاذبين ومثيرين للفتن؟ الجواب هو أن الآباء أهملوا في تربية أبنائهم، فهذه السلوكيات لأبنائهم هي في الواقع نتيجة سلوك وتصرفات الآباء، لم يتمكنوا من توفير البيئة المناسبة لإصلاح أبنائهم.
يجب على الآباء منذ الطفولة أن يوفروا لأبنائهم بيئة مناسبة وصحية ودينية، وأن يعرفوهم بالتربية الإسلامية والصلاة والصيام واحترام الآخرين، وأن يسعوا لتنمية تفكيرهم، وأن يعرّفوهم بالثقافة الدينية والتعليمية وقراءة الكتب.
يجب تعزيز ثقافة القراءة في المنزل، واتخاذ الإجراءات اللازمة في إطار التعليم الإسلامي منذ الطفولة، وأن يكون بيئة المنزل مفعمة بالتعليم والتربية الصحيحة والسليمة، حيث أن الأب والأم هما أفضل قدوة للأطفال.