الأمة الثقافية

“كُلُّ شَيءٍ مَصيرُهُ لِلزَوالِ”.. شعر: الحارث بن عبّاد

كُلُّ شَيءٍ مَصيرُهُ لِلزَوالِ

غَيرَ رَبّي وَصالِحِ الأَعمالِ

وَتَرى الناسَ يَنظُرونَ جَميعاً

لَيسَ فيهِم لِذاكَ بَعضُ اِحتِيالِ

قُل لِأُمِّ الأَغَرِّ تَبكي بُجَيراً

حيلَ بَينَ الرِجالِ وَالأَموالِ

وَلَعَمري لَأَبكِيَنَّ بُجَيراً

ما أَتى الماءُ مِن رُؤوسِ الجِبالِ

لَهفَ نَفسي عَلى بُجَيرٍ إِذا ما

جالَتِ الخَيلُ يَومَ حَربٍ عُضالِ

وَتَساقى الكُماةُ سُمّاً نَفيعاً

وَبَدا البيضُ مِن قِبابِ الحِجالِ

وَسَعَت كُلُّ حُرَّةِ الوَجهِ تَدعو

يا لِبَكرٍ غَرّاءَ كَالتِمثالِ

يا بُجَيرَ الخَيراتِ لاصلحَ حَتّى

نَملَأَ البيدَ مِن رُؤوسِ الرِجالِ

وَتَقَرَّ العُيونُ بَعدَ بُكاها

حينَ تَسقي الدِما صُدورَ العَوالي

أَصبَحَت وائِلٌ تَعِجُّ مِنَ الحَر

بِ عَجيجَ الجِمالِ بِالأَثقالِ

لَم أَكُن مِن جُناتِها عَلِمَ اللَهُ

وَإِني لِحَرِّها اليَومَ صالِ

قَد تَجَنَّبتُ وائِلاً كَي يُفيقوا

فَأَبَت تَغلِبٌ عَلَيَّ اِعتِزالي

وَأَشابوا ذُؤابَتي ببُجَيرٍ

قَتَلوهُ ظُلماً بِغَيرِ قِتالِ

قَتَلوهُ بِشِسعِ نَعلٍ كُلَيبٍ

إِنَّ قَتلَ الكَريمِ بِالشِسعِ غالِ

يا بَني تَغلِبَ خُذوا الحِذرَ إِنّا

قَد شَرِبنا بِكَأسِ مَوتٍ زُلالِ

يا بَني تَغلِبٍ قَتَلتُم قَتيلاً

ما سَمِعنا بِمِثلِهِ في الخَوالي

قَرِّبا مَربَطَ النَعامَةِ مِنّي

لَقِحَت حَربُ وائِلٍ عَن حِيالِ

قَرِّبا مَربَطَ النَعامَةِ مِنّي

لَيسَ قَولي يرادُ لَكِن فعالي

قَرِّبا مَربَطَ النَعامَةِ مِنّي

جَدَّ نَوحُ النِساءِ بِالإِعوالِ

قَرِّبا مَربَطَ النَعامَةِ مِنّي

شابَ رَأسي وَأَنكَرَتني القَوالي

قَرِّبا مَربَطَ النَعامَةِ مِنّي

لِلسُرى وَالغُدُوِّ وَالآصالِ

قَرِّبا مَربَطَ النَعامَةِ مِنّي

طالَ لَيلي عَلى اللَيالي الطِوالِ

قَرِّبا مَربَطَ النَعامَةِ مِنّي

لِاِعتِناقِ الأَبطالِ بِالأَبطالِ

قَرِّبا مَربَطَ النَعامَةِ مِنّي

وَاِعدِلا عَن مَقالَةِ الجُهّالِ

قَرِّبا مَربَطَ النَعامَةِ مِنّي

لَيسَ قَلبي عَنِ القِتالِ بِسالِ

قَرِّبا مَربَطَ النَعامَةِ مِنّي

كُلَّما هَبَّ ريحُ ذَيلِ الشَمالِ

قَرِّبا مَربَطَ النَعامَةِ مِنّي

لِبَجَيرٍ مُفَكِّكِ الأَغلالِ

قَرِّبا مَربَطَ النَعامَةِ مِنّي

لِكَريمٍ مُتَوَّجٍ بِالجَمالِ

قَرِّبا مَربَطَ النَعامَةِ مِنّي

لا نَبيعُ الرِجالَ بَيعَ النِعالِ

قَرِّبا مَربَطَ النَعامَةِ مِنّي

لِبُجَيرٍ فداهُ عَمّي وَخالي

قَرِّباها لِحَيِّ تَغلِبَ شوساً

لِاِعتِناقِ الكُماةِ يَومَ القِتالِ

قَرِّباها وَقَرِّبا لَأمَتي دِر

عاً دِلاصاً تَرُدُّ حَدَّ النِبالِ

قَرِّباها بِمُرهَفاتٍ حِدادٍ

لِقِراعِ الأَبطالِ يَومَ النِزالِ

رُبَّ جَيشٍ لَقيتُهُ يَمطُرُ المَو

تَ عَلى هَيكَلٍ خَفيفِ الجِلالِ

سائِلوا كِندَةَ الكِرامَ وَبَكراً

وَاِسأَلوا مَذحِجاً وَحَيِّ هِلالِ

إِذا أَتَونا بِعَسكَرٍ ذي زُهاءٍ

مُكفَهِرِّ الأَذى شَديدِ المَصالِ

فَقَرَيناهُ حينَ رامَ قِرانا

كُلَّ ماضي الذُبابِ عَضبِ الصِقالِ

——————————

الشاعر الحارث بن عباد

الحارث بن عباد بن قيس بن ثعلبة البكري، أبو منذر.

حكيم جاهلي. كان شجاعاً، من السادات، شاعراً.

انتهت إليه إمرة بني ضبيعة وهو شاب. وفي أيامه كانت حرب (البسوس) فاعتزل القتال، مع قبائل من بكر، منها يشكر وعجل وقيس.

ثم إن المهلهل قتل ولداً له اسمه بحير، فثار الحارث ونادى بالحرب، وارتجل قصيدته المشهورة التي كرر فيها قوله (قربا مربط النعامة مني) أكثر من خمسين مرة، والنعامة فرسه، فجاؤوه، بها فجز ناصيتها وقطع ذنبها – وهو أول من فعل ذلك من العرب فاتخذ سنة عند إرادة الأخذ بالثأر – ونُصرت به بكر على تغلب، وأسر المهلهل فجزَّ ناصيته وأطلقه، وأقسم أن لا يكف عن تغلب حتى تكلمه الأرض فيهم، فأدخلوا رجلا في سرب تحت الأرض ومر به الحارث فأنشد الرجل: أبا منذر أفنبت فاستبق بعضنا = حنانيك بعض الشر أهون من بعض

فقيل: بر القسم: واصطلحت بكر وتغلب. وعمّر الحارث طويلا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى