الأمة الثقافية

“لِلدَّهرِ إِدبارٌ وَإِقبالُ”.. للشاعر العباسي “علي بن الجهم”

لِلدَّهرِ إِدبارٌ وَإِقبالُ

وَكُلُّ حالٍ بَعدَها حالُ

وَصاحِبُ الأَيّامِ في غَفلَةٍ

وَلَيسَ لِلأَيّامِ إِغفالُ

وَالمَرءُ مَنسوبٌ إِلى فِعلِهِ

وَالناسُ أَخبارٌ وَأَمثالُ

يا أَيُّها المُطلِقُ آمالَهُ

مِن دونِ آمالِكَ آجالُ

كَم أَبلَتِ الدُنيا وَكَم جَدَّدَت

مِنّا وَكَم تُبلي وَتَغتالُ

ما أَحسَنَ الصَبرَ وَلا سِيَّما

بِالحُرِّ إِن ضاقَت بِهِ الحالُ

يَشهَدُ أَعدائي بِأَنّي فَتىً

قَطّاعُ أَسبابٍ وَوَصّالُ

لا تَملِكُ الشِدَّةُ عَزمي وَلا

يُبطِرُني جاهٌ وَلا مالُ

بَلِّغ أَميرَ المُؤمِنينَ الَّذي

لَم آلُهُ نُصحاً وَلا آلو

—————————–

أبو الحسن علي بن الجهم بن بدر ابن الجهم

(188 هـ – 249 هـ / 803 – 863م)، هو علي بن الجهم بن بدر بن مسعود بن أسيد القرشي، وكنيته أبو الحسن، وأصله من خراسان، المولود في 188 للهجرة في بغداد، سليلاً لأسرة عربية متحدرة من قريش أكسبته فصاحة لسان وأحاطت موهبته الشعرية بالرزانة والقوة، وحمتها من تأثير مدينة بغداد التي كانت تعج بالوافدين من أعاجم البلاد المحيطة بها.

 الشاعر المجيد المشهور، يعود نسبه إلى قريش، والده الجهم أبو علي، الذي تولى للمأمون بريد اليمن، وولاه الخليفة الواثق شرطة بغداد، وقد أصبح لبني الجهم بعض المكانة والجاه في الدولة.

ولد علي بن الجهم في بغداد، وحينما بلغ الصبا أرسله والده إلى الكتاب لاكتساب مبادئ العلوم، وبعد أن أتم دراسته فيه، توجه إلى حلقات العلم في المسجد الجامع في بغداد، فاطّلع على الفلسفة وعلم الكلام، وألمّ بمعارف عصره، والتحق بحلقة الشعر والأدب، فسمع الأخبار والأشعار وحديث الشعراء عن فنهم، وتعرّف أعلام الشعر ببغداد، وفي مقدمتهم الشاعر الكبير أبو تمام، وقامت بينهما صداقة متينة.

نشأ علي بن الجهم في بيئة ثقافية، كثرت فيها العلوم، واشتد فيها الجدل، فاكتسب ثقافة كبيرة، واشترك في المناظرات الدائرة بين الفرق الإسلامية، وتابع الأحداث المهمة وأوضح موقفه منها، واستهواه الأدب، فسعى إلى معرفة مسائله وإتقان صناعته حتى صار بصيراً بالشعر، يعرف مكوناته، ويميز الجيد من الرديء فيه، وقد تفتحت مواهبه الشعرية في وقت مبكر، فنظم الشعر وهو صبي في الكتاب، وصقل موهبته بالثقافة والتجربة، فأضحى من أعلام الشعر في عصره.

 اتسم بالظرف وحسن المنادمة، فقربه الخلفاء وأكرموه، ووصل إلى مكانة جيدة عند الخليفة المتوكل، وصار داعية له، ينوه بأعماله، ويؤيد مواقفه و يدافع عنها، ويوالي العباسيين وينافح عن حقهم في الخلافة، ويطعن في ادعاء خصومهم أن لهم حقاً فيها، فهاجم المعتزلة والشيعة وأهل الذمة، وهجا كل من يغضب عليه الخليفة، وبالغ في ذلك، ورغم ذلك كان مصيره الصلب والسجن، فالحكام لا أمان لهم..

الشهادة:

كان على بن الجهم يستعد للجهاد في سبيل الله ودين الإسلام أمام جحافل الروم التي كانت تهدد الدولة الإسلامية. فانتقل إلى حلب ثم خرج منها  للجهاد، فاعترضه جمع من أعدائه من الأعراب الكلبيين، وأعداء أفكاره الدينية، فقاتلهم حتى مات بين أيديهم عام 249 للهجرة.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى