مقالات

محمد شعبان أيوب يكتب: مشروع «الهلال الشيعي»

مؤخرًا نشرت صحيفة «تركيا» التركية تقريرا استقصائيًا لافتا عن مشروع «الهلال الشيعي» الذي تسعى إيران لتنفيذه في المنطقة منذ أربعين سنة، واحتلت تركيا جزءًا منه بجوار العراق وسوريا واليمن ولبنان وغيرها؛ هذا المشروع وصفه كاتب التقرير بأنه أكثر خطورة من مشروع «أرض الميعاد» اليهودي من النيل للفرات، وأن النظام الإيراني يسعى لتنفيذ هذا المخطط الذي أنفق عليه 200 مليار دولار منذ 1979م وحتى اليوم وفق خطة دقيقة ذات مراحل.

الأمر اللافت أن هذا الهدف تشرف عليه رئاسة الأركان في الجيش الإيراني، وقد تُرجم إلى مشروع كتاب اسمه «الأطلس الشيعي» ألّفه المؤرخ الإيراني رسول جعفريان، أستاذ التاريخ الحالي بجامعة طهران الذي حصل بفضله على العديد من الجوائز التقديرية في إيران، وفي هذا الأطلس ذي 743 صفحة يقف جعفريان على الديمغرافيا الشيعية في تركيا، ولكنه يتناول أمورًا خاصة بالدولة ذاتها وليست الأقلية الشيعية فقط؛ مثل السياسة والاقتصاد والأعراق والزراعة والديمغرافيا وغير ذلك، ثم تناول طائفة النُّصيرية في تركيا الذين يصفهم جعفريان بوضوح «بأنهم داعمون محتملون لإيران».

ويصف التقرير ما هو أكثر من ذلك، فقد عينت إيران في بادئ الأمر 5000 شخص لتوطينهم في تركيا منذ الثمانينيات، ثم ارتفع هذا الرقم إلى 90 ألف أسرة اشترت عقارات بوتيرة متسارعة في السنوات الأخيرة، منهم 30 ألف عائلة وصفها التقرير بـ«الرديكالية».

خروج هذا التقرير الآن ومن قبله تقرير آخر عن المساحات الكبيرة التي اشتراها اليهود في قبرص الشمالية التركية في السنوات الأخيرة، يعني أن هناك حرب معلومات ونفوذ بين هذه الدول، ولكن ما يهمني كمتخصص في التاريخ أن دولا إقليمية وازنة مثل إيران تعتمد على مؤرخيها في رسم خرائط مشاريعها الإقليمية وأهدافها، وهو الأمر الذي يشبه أمريكا وبريطانيا من قبل في اعتمادهم على الخبراء من المؤرخين خاصّة في رسم خريطة الهيمنة العالمية لهم، ولا ننسى برنارد لويس كمثال حي وبارز مع البريطانيين ثم مع الأمريكان بعد هجرته إليها.

محمد شعبان أيوب

باحث في التاريخ والتراث

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى