مقالات

محمد شعبان أيوب يكتب: نقد الكيان بين الكاثوليك والإنجيليكان

لماذا تظهر انتقادات حادة من دول مثل أسبانيا وفرنسا للكيان بين الحين والآخر في ظل هذه الأزمة، بينما نجد دعما لا نهائيّا من قبل بريطانيا وأمريكا في مواجهة العالم كله؟!

هذا يعود في رأيي إلى سببٍ دينيّ في الأساس، ففرنسا وأسبانيا كاثوليكيتان، والكاثوليك لا يعتقدون بالعهد القديم، ولا يؤمنون به إيمانا ملزما، ثم إنهم يجعلون فهم الكتاب المقدّس حكرًا على البابوية التي اعتمدت اللسان اللاتيني في هذا الفهم.

بينما بريطانيا وأمريكا إنجيليون بروتستانت، وهما نتاج حركة الإصلاح الديني التي قامت في القرن السادس عشر الميلادي على يد مارتن لوثر وجون ويكليف وجون كالفن، وهؤلاء انتقدوا «صكوك الغفران» وحصرية أو احتكار الكنيسة لتفسير الكتاب المقدس وعدم ترجمته إلى اللغات الأخرى، ورأوا أن «العهد الجديد» مكمّل للتوراة أو «العهد القديم»، ولا يمكن فهم هذا الكتاب دون إعادة بعث اللغة العبرية ودراستها، ولهذا وصفت البروتستانتية بأنها حركة “تهويد للمسيحية”.

هذه الأبعاد الدينية هي إحدى الأسباب الرئيسية التي تقف خلف المواقف السياسية لبريطانيا وأميركا في مواجهة العالم كله في دعم هذا الكيان منذ أواخر القرن 19 ولغاية الآن، بل وقهرهم وإرغامهم لحلفائهم من الأوروبيين وغيرهم للرضوخ والسكوت.

ولئن عرفتَ هذا السبب فإن من يحاول إثناءك وصرف نظرك عن العلاقة الوثيقة بين الدين والسياسة في العالم الغربي «الأنغلو ساكسوني» خاصّة، هو إما جاهل بهذه الحقائق، وإما عميل يحاول تصدير الغبش والتفاهات وسفاسف الأمور بهدف طمس الحقائق.

محمد شعبان أيوب

باحث في التاريخ والتراث

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى